الحرام. (136) وأما السعر: فهو عبارة عن قدر قيمة ما يباع به الشئ. والغلاء عبارة عن زيادة ذلك بالنسبة إلى الزمان والمكان. والرخص عبارة عن نقصانه، فإذا كان الغلاء من قبل الله سبحانه وتعالى، وجب الرضا به، وكان العوض فيه عليه تعالى، وإذا كان من قبل الخلق، إما باحتكار الأمتعة، أو بمنع السبل، أو غير ذلك، كان العوض فيه على فاعل الأسباب. (137)
(١٣٦) اعلم أن الرزق ما يصح أن ينتفع به المرزوق، ولم يكن لأحد منعه منه، وربما قيل: ما هو بالانتفاع أولى. والدليل على صحة هذا الحد، أن ما اختص بهذه الصفة سمي رزقا، وما لم يكن عليها لا يسمى رزقا. والبهيمة مرزوقة على هذا الحد لأن كل شئ صح أن ينتفع به ولم يكن لغيرها منعها فهو رزق، ولهذا لم يكن ما نملكه من الزرع رزقا للبهائم، لأن لنا منعها منه، وليس لنا منعها من الكلأ والماء، غير أن الكلأ والماء قبل أن يأخذ البهائم بأفواهها لا يكون رزقا لها، وإنما سمي رزقا لها إذا حصل في أفواهها، لأنه في هذه الحال لا يجوز لنا أن نمنعها منه، وقبل هذه الحالة لنا أن نمنعها من كل شئ بأن نسبق إليه، فلا يثبت فيه قبل التناول شرط التسمية بالرزق.
ومعنى الملك ثابت في البهيمة، بخلاف ما يمضى في الكتب، لأنها بحيازة الكلأ والماء وحصوله في فيها يقبح منعها منه، كما يقبح ذلك في العاقل، إلا أنهم للتعارف لا يسمون بالملك إلا من له علم وتمييز حاصلان، أو متوقفان كالطفل والمغلوب على عقله. ذخيرة السيد المرتضى ٢٦٧ بعد إصلاحنا بعض تصحيفات العبارة.
(١٣٧) ما قاله المصنف - رحمه الله - من كون العوض على فاعل الأسباب إذا كان الغلاء من قبل الخلق، ظاهره الضمان، ولم أر في كلام غيره ذلك.
قال السيد المرتضى في الذخيرة ص ٣٧٥: الغلاء مضاف إليهم وهم المذمومون. وقال الشيخ الطوسي في الاقتصاد ص ١٠٧: فتنسب عند ذلك الغلاء والرخص إلى العباد الذين سببوا ذلك. وقال الحلبي في تقريب المعارف ص ٩٥:
ويذم أو يمدح من سبب الغلاء أو الرخص من العباد. وقال في الكافي ص 61:
فهو مضاف إلى من فعل أسبابه دونه تعالى، والغلاء على هذا الوجه قبيح لاستناده إلى وجه وقبيح. ففي هذه الكتب وغيره كإرشاد الطالبين للمقداد، وكشف المراد للعلامة، قد تعرضوا للتسبيب، وكونه قبيحا وكونه فاعله مستحقا للذم، ولكن لم يقل أحد منهم بكون العوض على فاعل الأسباب فراجع.