وقال آخرون: يحسن لمجرد اللطف، وقال المرتضى: لا يحسن إلا لمجموع العوض واللطف.
واحتج لذلك بأن العوض يخرج الألم من كونه ظلما، واللطف من كونه عبثا.
واحتج أبو علي على كون النفع كافيا، بأنه يوصل إلى نفع لا يوصل إليه إلا بالألم، فكان حسنا. بيان ذلك أنه لو ابتدأ بذلك النفع لكان تفضلا، وقد يأبى الإنسان قبول التفضل، أما إذا كان مستحقا، فإن أحدا لا يترفع عنه.
وقد أجيب عن ذلك، بأنا لا نسلم أن المنافع التي يتفضل بها الله تعالى يترفع أحد عنها، وإنما يسوغ ذلك الفرض في المماثل والمقارب.
احتج من أجاز فعل الألم لمجرد اللطف، بأنه لا فرق بين أن تكون المنفعة في مقابلة الألم، وأن تكون في ما يكون الألم لطفا ووصلة إليه. ألا ترى أنه يسوغ تحمل مشاق الأسفار لحصول الزيادة في أثمان الأمتعة، وإن كان النفع ليس في مقابلة السفر. ثم يتأكد ذلك وضوحا في ما إذا كان اللطف عائدا إلى المولم، وبيان ذلك، أن من علم أن ولده لا يتعلم العلم في بلده، وإذا أحوجه إلى تحمل الغربة (130) والانفراد عن شواغل معارفه من أهل بلده، كان باعثا على تعلمه، فإنه يحسن أن يلزمه ذلك، ولا يجب عليه عوض في مقابلة ذلك الألم، ولا وجه لحسنه إلا كونه لطفا في التعلم، وهذا الوجه قوي، وهو المعتمد. (130)