موالاته، لا باعتبار الشرع، بل مع فرض رفعه، ولا وجه لذلك إلا التوبة، فيجب أن يكون ذلك وجها مسقطا للعقاب، ضرورة سقوط الذم حيث ذكرنا.
الوجه الثاني: لو لم يسقط العقاب بالتوبة لكان التكليف بعد وقوع الذنب الواحد محالا، لأنه إما أن يكلف تعريضا للثواب، أو لا للتعريض، ويلزم من الأول بطلان التكليف، لاستحالة وصوله إليه، ومن الثاني خلوه عن الغرض، فيكون عبثا.
والجواب عن الأول: لا نسلم وجوب سقوط الذم في المثال الذي ذكروه، ولا في غيره من الأمثلة التي يمثلونها (*)، لأنا لا نجد العلم بذلك ضرورة، ولم يقيموا عليه برهانا، والاقتصار على محض الدعوى غير مجد.
والجواب عن الثاني: إن ذلك بناء على أن العقاب ودوامه يعلمان عقلا، ونحن نمنع من ذلك، ولا نثبت إلا شرعا، فكما أثبتنا العقاب ودوامه شرعا، فقد ثبت قبول التوبة شرعا.
لا يقال: قد صرتم إلى إيجاب قبول التوبة، وخالفتم في الطريق المفضي إلى الوجوب. لأنا نقول: إن المخالفة في الأصل لم يقع إلا في ذلك، فإنا بنينا على قبول التوبة شرعا لا عقلا، والخصم منع من ذلك، وأوجبه عقلا فلم يكن ما ذكرناه ثانيا منافيا لما ذكرناه أولا. (158)