و نتيجة الفتح الإسلامي وتدفق الأعاجم إلى بلاد العرب وازدياد الاختلاط بهم زاد فساد اللغة وخاصة لغة المدن، مما اضطر المعنيون باللغة (1) إلى أن يضربوا إلى البادية لتلقي الفصحى من أبنائها الأصلاء. فجمعوا من خلال تحريهم واستقصائهم وتمحيصهم ثروة لغوية ضخمة توزعت على مختلف عناصر اللغة، وعالجت كل أمورها من إحصاء للمفردات، إلى ترتيب القواعد، إلى ضبط النطق، إلى المعرب والدخيل ومن هنا كان المعجم أعظم خطوة في التأليف اللغوي.
تعريف المعجم:
كتاب يضم أكبر عدد من مفردات اللغة مقرونة بشرحها وتفسير معانيها، على أن تكون المواد مرتبة ترتيبا خاصا، إما على حروف الهجاء أو الموضوع، والمعجم الكامل هو الذي يضم كل كلمة في اللغة مصحوبة بشرح معناها واشتقاقها وطريقة نطقها وشواهد تبين مواضع استعمالها (2).
تسميته:
ورد في اللسان في مادة عجم: العجم والعجم خلاف العرب والعرب، والعجم جمع الأعجم الذي لا يفصح ولا يبين كلامه، وإن كان عربي النسب والأنثى عجماء... وأعجمت الكتاب: ذهبت به إلى العجمة... وأعجمت: أبهمت. ويقول ابن جني (3): اعلم أن عجم إنما وقعت في كلام العرب للإبهام والإخفاء وضد البيان والإفصاح.
يقول الدكتور إميل يعقوب (4). ويظهر أن وزن " أفعل " يأتي في غالب أمره للإثبات و الإيجاب... أي أن همزة " أفعل " قد تقلب معنى " فعل " أحيانا إلى ضده نحو: أشكلت الكتاب أي أزلت إشكاله، وأشكيت زيد أي أزلت شكواه... وإعجام الكتاب يعني إزالة استعجامه. والإعجام هو تنقيط الحروف للتمييز بين المتشابهة منها في الشكل (ب ت ج ح خ الخ) ومن هذه الدلالة جاءت تسمية الحروف الهجائية بحروف المعجم نظرا لكون النقط الموجود في كثير منها يزيل التباس معاني الكلمات بعضها ببعض وغموضها بالمعجم.
و في مقدمة الصحاح (5): ولا نعلم بالدقة متى أطلق المعجم على هذا الاستعمال،