فإنه لملك ولملك، فمن رواه لملك فوجهه شنئوا: أخرجوا من عندهم، كما في العباب، ومن رواه لملك فالأجود شنئوا أي تبرؤوا إليه.
وشنئ به: أقر، قال الفرزدق:
فلو كان هذا الأمر في جاهلية * عرفت من المولى القليل حلائبه ولو كان هذا الأمر في غير ملككم * شنئت به أو غص بالماء شاربه (1) أو أعطاه حقه وتبرأ منه، ولا يخفى أن الإعطاء مع التبري من معاني شنأ بالفتح إذا عدي بإلى، كما قاله ثعلب، فلو قال: وإليه: أعطاه وتبرأ منه كان أجمع للأقوال كشنأ أي كمنع، وقضية اصطلاحه أن يكون ككتب ولا قائل به، قاله شيخنا، ثم إن ظاهر قوله يدل على أن شنأ كمنع في كل ما استعمل شنئ بالكسر، ولا قائل به، كما قد عرفت من قول أبي عبيد وثعلب، ولم يستعملوا كمنع إلا في المعدى بإلى دون به وله، وقد أغفله شيخنا.
وشنأ الشيء: أخرجه من عنده، وقال أبو عبيد: شنئ حقه، أي كعلم إذا أقر به وأخرجه من عنده.
وفي المحكم شوانئ المال: التي لا يضن أي لا يبخل بها عن ابن الأعرابي نقلا من تذكرة أبي علي الفارسي، وقال: كأنها شنئت أي بغضت فجيد بها أي أعطي بها لعدم عزتها على صاحبها، فهو يجود بها لبغضه إياها، وقال: أخرجه مخرج النسب فجاء به على فاعل، قال شيخنا: ثم الظاهر أن فاعلا هنا بمعنى مفعول، أي مشنوء المال ومبغضه، فهو كماء دافق وعيشة راضية.
والشنآن بن مالك محركة رجل شاعر من بني معاوية بن حزن (2) بن عبادة بن عقيل بن كعب. * ومما بقي على المؤلف:
المشنيئة (3) ففي حديث عائشة رضي الله عنها: عليكم بالمشنيئة النافعة التلبينة، تعني الحساء (4) وهي مفعولة من شنئت إذا أبغضت (5)، قال الرياشي: سألت الأصمعي عن المشنيئة فقال: البغيضة، قال ابن الأثير: وهي مفعولة من شنئت إذا أبغضت، وهذا البناء شاذ بالواو ولا يقال في مقرو وموطو (6) مقري وموطي ووجهه أنه لما خفف الهمزة صارت ياء فقال مشنئ كمرضي، فلما أعاد الهمزة استصحب الحال المخففة، وقولها: التلبينة، هي تفسير للمشنيئة وجعلتها بغيضة لكراهتها.
وفي حديث كعب " يوشك أن يرفع عنكم الطاعون ويفيض فيكم شنآن الشتاء " قيل: ما شنآن الشتاء؟ قال: " برده " استعار الشنآن للبرد لأنه بغيض (7) في الشتاء، وقيل: أراد بالبرد سهولة الأمر (8) والراحة، لأن العرب تكني بالبرد عن الراحة، والمعنى: يرفع عنكم الطاعون والشدة، ويكثر فيكم التباغض أو (9) الراحة والدعة.
وتشانئوا أي تباغضوا كذا في العباب.
[شوأ]: شاءني: سبقني. وشاءني فلان: حزنني، وأعجبني ضد، وتقول في مضارعه يشوء على الأصل ويشيء كيبيع، إن كان مضارعا لشاء، وزعم أنه مقلوب أيضا لشأى يشئي كرمى يرمي فهو غلط، لأن مادة شأى مهموز العين معتل اللام بالتحتية مهملو، وإن أراد أنه استعمل كباع يبيع بمعنى يبق فالمادة الآتية متصلة بهذه، ولم يذكر هو ولا غيره أن الشيء كالبيع بمعنى السبق ولا لهم شاء كباع، إنما قالوا: شاء يشاء كخاف يخاف، قاله شيخنا قلب شآني كدعاني بمعنى سبقني فيهما وزنا ومعنى.
والشيئان كشيعان (10) في وزان تثنية السيد: البعيد النظر الكثير الاستشراف إما على حقيقته أو كناية عن الرجل صاحب التأني والتفكر والناظر عواقب الأمور، وقد ذكره الصاغاني في المادة التي تليها.