والنأنأ بالقصر كفدفد: المكثر تقليب الحدقة قال في المحكم: والمعروف رأراء (1) والعاجز الجبان الضعيف كالنأناء بالمد والنؤنوء كعصفور وفي بعض النسخ بالقصر، والمنأنإ كمعنعن على صيغة اسم المفعول، وإنما قيل للضعيف ذلك لكونه مكفوفا عما يقوم عليه القوي، قال امرؤ القيس:
لعمرك ما سعد بخلة آثم * ولا نأنإ عند الحفاظ ولا حصر [نبأ]: النبأ محركة الخبر وهما مترادفان، وفرق بينهما بعض، وقال الراغب: النبأ: خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة ويكون صادقا (2)، وحقه (3) أن يتعرى عن الكذب، كالمتواتر وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولتضمنه (4) معنى الخبر يقال: أنبأته بكذا، ولتضمنه معنى العلم يقال: أنبأته كذا. قال: وقوله تعالى: " إن جاءكم فاسق بنبإ " (5) الآية، فيه تنبيه على أن الخبر إذا كان شيئا عظيما فحقه أن يتوقف فيه، وإن علم وغلب صحته على الظن (6) حتى يعاد النظر فيه ويتبين (7) ج أنباء كخبر وأخبار، وقد أنباه إياه إذا تضمن معنى العلم، وأنبأ به إذا تضمن معنى الخبر، أي أخبره، كنبأه مشددا، وحكى سيبويه: أنا أنبؤك، على الاتباع. ونقل شيخنا عن السمين في إعرابه قال: أنبأ ونبأ وأخبر، متى ضمنت معنى العلم عديت لثلاثة وهي نهاية التعدي، وأعلمته بكذا مضمن معنى الإحاطة، قيل: نبأته أبلغ من أنبأته، قال تعالى: " من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير " (8) لم يقل أنبأني، بل عدل إلى نبأ الذي هو أبلغ، تنبيها على تحقيقه وكونه من قبل الله تعالى. قاله الراغب.
واستنبأ النبأ: بحث عنه، ونابأه ونابأته أنبؤة وأنبأته (9) أي أنبأ كل منهما صاحبه، قال ذو الرمة يهجو قوما:
زرق العيون إذا جاورتهم سرقوا * ما يسرق العبد أو نابأتهم كذبوا والنبيء بالهمز مكية، فعيل بمعنى مفعل (10)، كذا قاله ابن بري، هو المخبر عن الله تعالى، فإن الله تعالى أخبره بتوحيده، وأطلعه على غيبه وأعلمه أنه نبيه. وقال الشيخ السنوسي في شرح كبراه: النبيء، بالهمز، من النبإ، أي الخبر لأنه أنبأ عن الله أي أخبر، قال: ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه، يقال نبأ ونبأ وأنبأ. قال سيبويه: ليس أحد من العرب إلا ويقول تنبأ مسيلمة، بالهمز، غير أنهم تركوا (11) في الهمز النبي كما تركوه في الذرية واليرية والخابية، إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف، ولا يهمزون في غيرها، ويخالفون العرب في ذلك، قال: والهمز في النبي لغة رديئة، أي لقلة استعمالها، لا لكون (12) القياس يمنع ذلك وترك الهمز هو المختار عند العرب سوى أهل مكة، ومن ذلك حديث البراء: قلت: ورسولك الذي أرسلت، فرد علي وقال: ونبيك الذي أرسلت، قال ابن الأثير، وإنما رد عليه ليختلف اللفظان ويجمع له الثناء بين معنى النبوة والرسالة، ويكون تعديدا للنعمة في الحالتين وتعظيما للمنة على الوجهين. والرسول أخص من النبي لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ج أنبياء قال الجوهري: لأن الهمز لما أبدل وألزم الإبدال جمع جمع ما أصل لامه حرف العلة، كعيد وأعياد، كما يأتي في المعتل ونبآء ككرماء، وأنشد الجوهري للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه:
يا خاتم النبآء إنك مرسل * بالخير كل هدى السبيل هداكا * في خلقه ومحمدا سماكا إن الإله بنى عليك محبة