و مدرسته وبخاصة صعوبة البحث فيه، يزاد إليها مأخذان مهمان:
أولهما: التكرار الظاهر في الشواهد وفي التفسيرات.
ثانيهما: إيراد التفسيرات المختلفة أو المتعارضة دون بذل أي جهد للتوفيق بينهما (1).
2 - المرحلة الثانية في تطور المعاجم العربية:
النظام الألفبائي الخاص:
أرباب هذه المرحلة يتمثلون بشكل رئيسي في ابن دريد وابن فارس، اللذين حاولا التخلص من مدرسة " كتاب العين " ونظام الخليل وطريقته ونهجه في ترتيب مواد المعجم، لكنهما وجدا في استنان طريق آخر مختلف صعوبة.
فأما ابن دريد، وقد أدرك صعوبة البحث في كتاب العين عن معاني الكلمات التي يستغلق فهمها على الباحث، كما شعر أنه بترتيب مواد المعجم حسب النظام الألفبائي يخفف كثيرا من هذه الصعوبة، ورأى أيضا أن نظام التقليبات الذي ابتدعه الخليل أساس سليم لاستيعاب معظم مواد اللغة العربية، فأحب أن يجمع بين ترتيب الألفباء العادي وبين نظام التقليبات الخليلي فوضع معجمه " الجمهرة " على هذا الأساس.
جمهرة اللغة:
مؤلفه أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، أحد أئمة اللغة والأدب.
و اسم الكتاب دل على مقصد ابن دريد من تأليف معجمه، فهو عنى بتدوين جمهور اللغة العربية.
و يعتبر جمهرة اللغة من مشاهير كتب اللغة التي نسجت على منوال العين (1)، لم يكن كتاب الجمهرة صورة مكررة للخليل بل بينه وبين " العين " نقاط يلتقيان فيها، وأوجه خلاف.
إلا أن هذا الخلاف - كما يقول أحمد عطار في مقدمة الصحاح (3) - بين طريقة الرائد المتبوع و الأتباع لا يعود إلى قصد المخالفة، ولكنه التطور الذي نشهده بين المبتكر ومن يجيء بعده، فيزيد الخلف على السلف زيادة لا تنقص من قدر الإمام الرائد.