منظور في قوله تعالى " وقودها الناس والحجارة " (1) فقال: الوقود، بالفتح: الحطب، والوقود، بالضم: الاتقاد، وهو الفعل، قال: ومثل ذلك الوضوء، هو الماء، والوضوء هو الفعل ومصدر أيضا من توضأت للصلاة، مثل الولوع والقبول، وقيل الوضوء بالضم المصدر وحكي عن أبي عمرو بن العلاء القبول بالفتح مصدر لم أسمع غيره.
ثم قال الأخفش: أو إنهما لغتان بمعنى واحد كما زعموا قد يجوز أن يعنى بهما المصدر، وقد يجوز أن يعنى بهما الماء، وقيل القبول والولوع مفتوحان وهما مصدران شاذان، وما سواهما من المصادر فمبني على الضم. وفي التهذيب: الوضوء: الماء، والطهور مثله، قال: ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء (2) ولا يقال الوضوء والطهور، قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو: ما الوضوء؟ قال: الماء الذي يتوضأ به، قلت: فما الوضوء؟ بالضم، قال: لا أعرفه. وقال ابن جبلة: سمعت أبا عبيد يقول: لا يجوز الوضوء، إنما هو الوضوء، وقال ثعلب: الوضوء المصدر (3)، والوضوء: ما يتوضأ به.
قلت: والفعول في المصادر بالفتح قليل جدا غير خمسة ألفاظ فيما سمعت ذكرها ابن عصفور، وثعلب في الفصيح، وهي الوضوء، والوقود، والطهور، والولوع، والقبول، وزيد العكوف بمعنى الغبار، والسدوس بمعنى الطيلسان، والنسوء بمعنى التأخير، ومن طالع كتابنا كوثري النبع، لفتى جوهري الطبع، فقد ظفر بالمراد.
وتوضأ الغلام والجارية: أدركا أي بلغ كل منهما الاحتلام، عن أبي عمرو، وهو مجاز.
وواضأه فوضأه يضؤه أي كوضع يضع، وهو من الشواذ، لما تقرر أن أفعال المبالغة كلها كنصر، وشذ خصم فإنه كضرب، كما يأتي، وبعض الحلقيات كهذا على رأي الكسائي وحده، قاله شيخنا، أي فاخره بالوضاءة الحسن والبهجة فغلبه فيها.
* ومما يستدرك عليه:
الوضيء كأمير، لقب عبد الله بن عثمان بن وهب بن عمرو بن صفوان الجمحي، وأبو الوضيء عباد بن نسيب، عن أبي برزة الأسلمي، وأيضا كنية محمد بن الوضيء بن هلال البعلبكي من شيوخ ابن عدي.
[وطأ]: وطئه، بالكسر، يطؤه وطأ: داسه برجله، ووطئنا العدو بالخيل، أي دسناهم، قال سيبويه: وأما وطئ يطأ فمثل ورم يرم، ولكنهم فتحوا يفعل وأصله الكسر، كما قالوا: قرأ يقرأ، وقرأ بعضهم " طه وما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " (4) بتسكين الهاء، وقالوا: أراد طإ الأرض بقدميك جميعا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إحدى رجليه في صلاته، قال ابن جني: فالهاء على هذا بدل من همزة طأ، كوطأه مضعفا، قال شيخنا: التضعيف للمبالغة، وأغفله الأكثر، وتوطأه حكاه الجوهري وابن القطاع، وهذا مما جاء فيه فعل وفعل وتفعل. قال الجوهري: ولا يقال توطيت (5)، أي بالياء بدل الهمزة.
ووطئ المرأة يطؤها: جامعها قال الجوهري: وطئت الشيء برجلي وطأ، ووطئ الرجل امرأته يطأ، فيهما، سقطت الواو من يطأ، كما سقطت من يسع لتعديهما، لأن فعل يفعل مما اعتل فاؤه لا يكون إلا لازما فلما جاءا من بين أخواتهما متعديين خولف بهما نظائرهما.
ووطؤ، ككرم، يوطؤ على القياس في المضموم، يقال: وطؤت الدابة وطأ. ووطؤ الموضع يوطؤ طئة (6) ووطوءة وطاءة أي صار وطيئا سهلا.
ووطأته توطئة، وقد وطأها الله. والوطيء من كل شيء: ما سهل ولان، وفراش وطيء: لا يؤذي جنب النائم (7).
وتوطأته بقدمي.
واستوطأه أي المركب: وجده وطيئا بين الوطاءة بالفتح