يقول الشدياق (1)، عن لسان العرب: إنه كتاب لغة وفقه ونحو وصرف وشرح للحديث و تفسير للقرآن.
يقول ابن منظور في مقدمته على لسان العرب: لا أدعي فيه دعوى، فأقول: شافهت أو سمعت أو فعلت أو صنعت أو شددت الرحال أو نقلت عن العرب العرباء أو حملت، فكل هذه الدعاوى لم يترك فيها الأزهري وابن سيده لقائل مقالا، ولم يخليا لأحد فيها مجالا، فإنهما عينا في كتابيهما عمن رويا، وبرهنا عما حويا، ونشرا في خطبهما ما طويا، ولعمري لقد جهدا فأوعيا وأتيا بالمقاصد ووفيا.
يعترف صاحب اللسان بأنه لم يأت بشيء من عنده مما حصله أو سمعه أو شافه به أحدا، و لم يتح له عصره أن يتبدى ويخالط الأعراب فيأخذ عنهم كالأزهري ولا كانت له حافظة ابن سيده ليعي ما وعى، ويحصل ما حصل ولا كان له مثل شيوخه فيسمع منهم ويروي عنهم، و إنما هو جامع لما تفرق في أصول سابقة لعصره. وقد ذكر هذه الأصول التي ضمها إلى كتابه فجعلها خمسة وهي: تهذيب اللغة للأزهري والمحكم لابن سيده، والصحاح للجوهري و حاشيته لابن بري، والنهاية لابن الأثير الجزري على أن الناظر في لسان العرب يتبين له أنه يشتمل على أصل سادس، وإن لم يذكره في مقدمته وهو جمهرة اللغة لابن دريد (2)، وبذلك استطاع ابن منظور أن يتنصل من تبعة ما في كتابه من زلل، لأنه لم يكن في وضعه إلا ناقلا عن غيره. يقول في مقدمته: وليس في الكتاب فضيلة أمت بها. ولا وسيلة أتمسك بسببها، سوى أني جمعت فيه ما تفرق في تلك الكتب من العلوم... فمن وقف فيه على صواب أو زلل أو صحة أو خلل فعهدته على المصنف الأول، وحمده وذمه لأصله الذي عليه المعول.
جرى ابن منظور على طريقة الجوهري في الصحاح، ونهج نهجه. وقد صرح كما ذكرنا أنه رجع إلى خمسة مصادر لتهذيب الكلمة، ويرد تساؤل، لماذا يعود إلى غريب الحديث، خاصة أن الخلاف كبير بشأن الحديث ومصدره وتأويل إشتقاقاته، والأقاويل بشأنه كثيرة، وهذا ما جعل الكثيرين قبله يهربون مذعورين من اللجوء إلى الحديث وغريبه، ولوجه هذا الباب أفهمنا ابن منظور شيئين هامين:
- أنه لا يقتصر على اللغة بشكلها الحرفي.
- أنه ينبغي علينا أن نذكر أشياء تتعلق بصميم اللغة التي انتشرت مع الإسلام، ومع تواتر