الفرق الذي ذكره مخالف لما نقله أئمة اللغة. ففي لسان العرب: وبأ إليه وأوبأ، لغة في ومأت وأومأت إذا أشرت إليه (1)، وقيل: الإيماء: أن يكون أمامك فتشير إليه بيدك وتقبل بأصابعك نحو راحتك تأمره بالإقبال إليك، وهو أومأت إليه، والإيباء: أن يكون خلفك فتفتح أصابعك إلى ظهر يدك، تأمره بالتأخر عنك، وهو أوبأت، قال الفرزدق:
ترى الناس إن سرنا يسيرون خلفنا * وإن نحن وبأنا إلى الناس وقفوا وروي أوبأنا، ونقل شيخنا هذا الفرق عن كراع في المجرد، وابن جني وابن هشام اللخمي وأبي جعفر اللبلي في شرح الفصيح، ومثله عن ابن القطاع، قال: وفي القاموس سبق قلم، لمخالفته الجمهور، واعترض عليه كثير من الأئمة، وأشار إليه المناوي في شرحه. قلت: وقال ابن سيده: وأرى ثعلبا حكى وبأت بالتخفيف. قال: ولست منه على ثقة. وقال ابن بزرج: أومأت بالحاجبين والعينين، وأوبأت (2) باليدين والثوب والرأس.
وأوبئ الفصيل: سنق أي بشم لامتلائه.
والموبئ كمحسن: القليل من الماء والمنقطع منه، وماء لا يوبئ مثل لا يؤبي، وكذلك المرعى، وركية لا تؤبي أي لا تنقطع.
ووبأت ناقتي إليه تبأ، أي بحذف الواو وبالفتح، لمكان حرف الحلق، أي حنت إليه نقله الصاغاني.
[وتأ]: وتأ في مشيته يتأ، كان في أصله يوتأ، وتأ، وقد أهمله الجوهري والصاغاني وصاحب اللسان، أي تثاقل كبرا أو خلقا بالضم.
* ومما يستدرك عليه:
واتأه على الأمر مواتأة ووتاء: طاوعه.
[وثأ]: الوثء بالفتح والوثاءة بالمد: وصم يصيب اللحم ولكن لا يبلغ العظم فيرم، وعليه اقتصر الجوهري، أو هو توجع في العظم بلا كسر، وعليه اقتصر ابن القوطية وابن القطاع، أو هو الفك، وهو انفراج المفاصل وتزلزلها وخروج بعضها عن بعض، وهو في اليد دون الكسر، وعليه اقتصر بعض أهل الغريب، وقال أبو منصور: الوثء: شبه الفسخ في المفصل، ويكون في اللحم كالكسر في العظم، وقال ابن الأعرابي: من دعائهم اللهم ثأ يده. والوثء: كسر اللحم لا كسر العظم. قال الليث: إذا أصاب العظم وصم لا يبلغ الكسر قيل: أصابه وثء ووثأة (3) مقصور، الوثء: الضرب حتى يرهص (4) الجلد واللحم (5) ويصل الضرب إلى العظم من غير أن ينكسر.
وثئت يده كفرح حكاها ابن القطاع وغيره، وأنكره بعضهم، كذا قاله شيخنا. وقال أبو زيد: وثأت يد الرجل تثأ وثأ، ووثئت وثأ، ووثأ محركة فهي وثئة كفرحة ووثئت كعني وهو الذي اقتصر عليه ثعلب والجوهري، وهي اللغة الفصيحة فهي موثوأة ووثيئة على فعيلة ووثأتها متعديا بنفسه وأوثأتها بالهمز، قال اللحياني: قيل لابن الجراح (6): كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مرثوءا، وفسره فقال: كأنه أصابه وثء، من قولهم: وثئت يده، قال الجوهري: وبه وثء، ولا تقل وثي أي بالياء، كما تقوله العامة، قال شيخنا: وقولهم: وقد لا يهمز ويترك همزه، أي يحذف ويستعمل استعمال يد ودم. قال صاحب المبرز عن الأصمعي: أصابه وثء، فإن خففت قلت وث، ولا يقال وثي، ولا وثو، ثم قال: وقد أغفل المصنف من لغة الفعل وثؤ ككرم، نقلها اللبلي في شرح الفصيح عن الصولي. ومن المصادر الوثوء، كالجلوس، والوثأة كضربة، عن صاحب الواعي، انتهى.
ووثأ اللحم كوضع يثؤه: أماته، ومنه: هذه ضربة قد وثأت اللحم أي رهصته (7).