و قد تقدم ما قيل في اصطلاح الصحاح، فهذه أمور سبعة جعلها اصطلاحا لكتابه، وميزه بها اختصارا وإيجازا، وإن كان بعضها قد سبقه فيه كالجوهري وابن سيده.
الأول: تمييزه المواد الزائدة بكتابة الأحمر.
الثاني: تخليص الواو من الياء الثالث: عدم ذكر جمع فاعل المعتل ما أعل منه.
الرابع: اتباع المذكر المؤنث بقوله وهي بهاء.
الخامس: الإشارة إلى المضارع مضموم العين هو أو مكسورها عند ذكر الآتي وعدم ذكره.
و السادس: حمل المطلق على ضبط الفتح في غير المشهور.
و السابع: الاقتصار على الحروف الخمسة.
و يجوز أن يجعل قوله: " وما سوى ذلك فأقيده " اصطلاحا ثامنا، ليطابق عدد أبواب الجنان.
قال شيخنا: وله ضوابط واصطلاحات أخر تعلم بممارسته ومعاناته واستقرائه.
منها: أن وسط الكلمة عنده مرتب أيضا على حروف المعجم كالأوائل والأواخر. قلت وقد أشرت إلى ذلك في أول الخطبة، ومثله في الصحاح ولسان العرب وغيرهما.
و منها: إتقان الرباعيات والخماسيات في الضبط، وترتيب الحروف، وتقديم الأول فالأول.
و منها: إذا ذكرت الموازين في كلمة سواء كانت فعلا أو اسما يقدم المشهور الفصيح ولاء ثم يتبعه باللغات الزائدة إن كان في الكلمة لغتان فأكثر.
و منها: أنه عند إيراد المصادر يقدم المصدر المقيس أولا ثم يذكر غيره في الغالب.
و منها: أنه قد يأتي بوزنين متحدين في الفظ فيظن من لا معرفة له بأسرار الألفاظ ولا باصطلاح الحفاظ أن ذلك تكرار ليس فيه فائدة، وقد يكون له فوائد يأتي ذكرها، وأقربها أنه أحيانا يزن الكلمة الواحدة بزفر وصرد، وكلاهما مشهور بضم أوله وفتح ثانيه، فيظهر أنه تكرار، وهو يثير بالوزن الأول إلى أنه علم فيعتبر فيه المنع من الصرف، وبالثاني إلى أنه جنس لم يقصد منه تعريف، فيكون نكرة فيصرف، وكذلك يزن تارة بسحاب وقطام وثمان وما أشبه ذلك.
و منها: أنه إنما يعتبر الحروف الأصلية في الكلمات دون الزوائد، ومن ثم خفي على كثير من الناس مراجعة ألفاظ مزيدة فيه، نحو التوراة والتقوى، وكثير من الناس يحاجي ويقول: إن المصنف لم يذكر التقوى في كتابه، أي بناء على الظاهر.
و منها: أنه عند تصديه لذكر الجموع أيضا يقدم المقيس منها على غيره في الغالب، وقد يهمل المقيس أحيانا اعتمادا على شهرته، كالبوادي، وقد يترك غيره سهوا، كما نبينه.
و منها: أنه يقدم الصفات المقيسة أولا ثم يتبعها بغيرها من المبالغة أو غيرها، ويعقبها بذكر مؤنثها بتلك الأوزان أو غيرها، وقد يفصل بينهما، فيذكر أولا صفات المذكر، ويتبعها بمجموعها، ثم يذكر صفات المؤنث، ثم يتبعها بمجموعها، على الأكثر.
و منها: أنه اختار استعمال التحريك ومحركا فيما يكون بفتحتين، كجبل وفرح، وإطلاق الفتح أو الضم أو الكسر على المفتوح الأول فقط أو المضموم الأول فقط، أو المكسور الأول فقط، وهو اصطلاح لكثير من اللغويين.
فهذه نحو عشرة أمور إنما تؤخذ من الاستقراء والمعاناة، كما أشرنا إليه. انتهى.
ثم إني نبهت فيه أي القاموس على أشياء وأمور. ركب أي ارتكب إمام الفن أبو نصر. الجوهري رحمه الله تعالى وهي جملة دعائية. فيها (1) خلاف الصواب وغالب ما نبه عليه فهو من تكملة الصاغاني وحاشية ابن بري وغيرهما، وللبدر القرافي بهجة النفوس في المحاكمة بين الصحاح والقاموس جمعها من خطوط عبد الباسط البلقيني وسعدي أفندي مفتي الديار الرومية،، وقد أطلعت عليه، ونحن إن شاء الله تعالى نورد في كل موضع ما يناسبه من الجواب عن الجوهري، حالة كوني. غير طاعن أي دافع وواقع