بعضا، قال شيخنا: وفيه نظر، فإنه لا قافية ها هنا، بل جاء بهذا الكلام ترسيلا، كما هو ظاهر، وقال الشيخ المناوي: قوله كجولة وخولة فيه تقديم وتأخير، والأصل: لا أذكر ما جاء على وزن فعلة مفتوح العين إذا كانت عينه حرف علة، كجولة وخولة ونحوهما، وإنما أذكر ما جاء الصحيح العين، كدرجة، وخرجة، انتهى. والصحيح ما قدمناه، وبما نقلناه عن المزهر يبطل كلام القرافي في الاطراد.
ثم شرع في بيان الوجه الثالث من وجوه التحسين الذي أودعها هذا الكتاب بقوله: ومن بديع اختصاره أي الذي ابتدعه ولم يسبقه به غيره. وحسن ترصيع أي تحلية. تقصاره بالكسر هي القلادة، وفي الفقرة مع شبه الترصيع الالتزام. أني إذا ذكرت صيغة المذكر أي بنيته وهيأته. أتبعتها أي ألحقتها بعد صيغة المذكر. المؤنث بقولي وهي أي الأنثى. بهاء أي هاء التأنيث، كما ستعلم أمثلته. ولا أعيد أي لا أكرر. الصيغة مرة ثانية، بل أترك ذلك وأحذفه اختصارا إلا في بعض مواضع لموانع تتعلق هناك، وفي بعضها سهوا من المؤلف، كما تأتي الإشارة إليه في محله.
و الوجه الرابع من وجوه التحسين أني. إذا ذكرت المصدر وهو اللفظ الذي يدل على الحدث خاصة. مطلقا أي ذكرا مطلقا، وهو عندهم ما دل على الماهية بلا قيد أو بكسر اللام، أي حالة كوني مطلقا له غير مقيد بشيء. أو ذكرت الفعل. الماضي وهو ما دل على حدث مقترن بزمن ماض. بدون أي بغير. الآتي وهو المستقبل وهو المضارع. ولا مانع هناك. فالفعل الماضي أو المضارع كائن. على مثال كتب كنصر، أي على وزنه، وهذا الباب أحد الدعائم الثلاثة، ويقال له الباب الأول من الثلاثي المجرد، والمانع من الضم في مضارعه أربعة: أحدها أن يكون في عينه أو لامه حرف من حروف الحلق، فإن الباب فيه الفتح، وربما جاء على الأصل، إما على الضم فقط، كقولك سعل يسعل، ودخل يدخل، وصرخ يصرخ، ونفخ ينفخ، وطبخ يطبخ، وإما على الكسر فقط نحو نزع ينزع، ورجع يرجع، ووأل (1) يئل، وهو في الهمزة أقل، وكذلك في الهاء، لأنها مستفلة في الحلق، وكلما سفل الحرف كان الفتح له ألزم، لأن الفتح من الألف والألف أقرب إلى حروف الحلق من أختيها، وربما جاء فيه الوجهان إما الضم، والفتح، وإما الكسر والفتح، فأما ما جاء فيه الضم والفتح فقولهم: شحب يشحب ويشحب، وصلح يصلح ويصلح، وفرغ يفرغ ويفرغ، وجنح يجنح ويجنح، ومضع يمضغ ويمضع، ومخض يمخض ويمخض، وسلخ يسلخ ويسلخ، ورعف يرعف، ونعس ينعس وينعس ورعدت السماء ترعد وترعد، وبرأ من المرض يبرأ ويبرؤ، قال أبو سعيد السيرافي: لم يأت مما لام الفعل فيه همزة على فعل يفعل بالضم إلا هذا الحرف، ووجدت أنا حرفين آخرين وهما: هنأ الإبل يهنؤها بالضم ويهنأها إذا طلاها بالهناء وهو القطران، وقرأ يقرأ ويقرؤ، حكاهما ابن عديس في كتاب الصواب، وأما ما جاء فيه الوجهان الكسر والفتح فقولهم: زأر الأسد يزأر ويزئر، وهنأ يهنئ ويهنأ إذا أعطى، وشحج البغل يشحج ويشحج، وشهق الرجل يشهق ويشهق، ورضع يرضع ويرضع، ونطح الكبش ينطح وينطح، ومنح يمنح ويمنح، ونبح ينبح وينبح، وربما استعملت الأوجه الثلاثة، قالوا نحت ينحت وينحت وينحت، ودبغ الجلد يدبغه ويدبغه ويدبغه، ونبغ الغلام ينبغ وينبغ وينبغ إذا علا شبابه وظهر كيسه، ونهق الحمار ينهق وينهق وينهق، ورجح الدرهم يرجح ويرجح ويرجح، ونحل جسمه ينحل وينحل وينحل، ومخض اللبن يمخضه ويمخضه ويمخضه، وهنأ الإبل، إذا طلاها بالقطران فهو يهنؤها ويهنئها ويهنأها، ولغا الرجل فهو يلغي ويلغو ويلغى، عن الفراء في كتاب اللغات، ومحى الله الذنوب يمحوها ويمحيها ويمحاها، وسحوت الطين عن الأرض أسحاه وأسحوه وأسحيه، والكسر عن القزاز، وشححت أشح وأشح وأشح إذا بخلت، والفتح عن ابن السيد في مثلثه. هذا حكم حرف الحلق إن وقع عينا، كذا في بغية الآمال للإمام اللغوي شارح الفصيح أبي جعفر اللبلي رحمه الله تعالى.
و المانع الثاني أن يكون واوي الفاء كوعد، فالقياس في مضارعه الكسر، كوعد ووزن، تقول في مضارعهما يعد ويزن، وقياس كل فعل على هذا الوزن ما عدا فعلا واحدا