إشارة إلى أنها تخترع ذلك وتنشئه إنشاء بديعا. ومراد المصنف أنها إن شاء الله تعالى لا تنقطع ولا بد لها من يقوم بها، وإن حصل فيها التقصير أحيانا، لعموم الجهل، وتعاطى العلوم من ليس لها بأهل، قال شيخنا ولا يخفى ما في حذف المشبه وذكر بعض أنواع المشبه به كالغريدة وذات الطوق، من الاستعارة بالكناية والتخييلية والترشيح، وقد يدعي إثبات المشبه أولا حيث صرح باللغة الشريفة، فتكون الاستعارة تصريحية، وفيه الجناس المحرف الناقص، وإيراد المثل، وغير ذلك من اللطائف الجوامع. وإن دارت الدوائر أي أحاطت النوائب والحوادث والمصائب من كل جهة. على ذويها أي أصحابها، أي اللغة الشريفة، وفي شرف إيوان البيان: ولا أشتكي تحامل الدهر بإضاعة بضاعة الأدب، وسلب خطر المقامرين على ذلك الندب، وتطرق الخلل إلى القشر دون اللباب، وموضوع اللفظ دون المعنى الذي هو مغزى الطلاب، بل أقول دارت الدوائر على العلوم وذويها. وأخنت أي أهلكت واستولت، وفي نسخة قاضي كجرات وبعض الأصول التي بأيدينا " أنحت " بالنون قبل الحاء المهملة، معناه أقبلت، ومثله في شرف إيوان البيان. على نضارة بالفتح النعمة وحسن المنظر. رياض جمع روض سقط من بعض النسخ. عيشهم حياتهم أو ما يتعيش به. تذويها أي تجففها وتيبسها. حتى غاية لدوران الدوائر العارضة. لا لها أي اللغة الشريفة. اليوم أي في زمانه، ونص عبارة شرف إيوان البيان بعد قوله " تذويها " فأهملوا الفروع والأصول، واطرحوا المعقول والمنقول، ورغبوا عن الصناعات دقيقها وجليلها، والحكم جملها وتفاصيلها، فغاضت الشرائع بمسائل ها، وتركت مدلولات أحكام الفقه بدلائلها فلا. دارس أي قارئ ومشتغل به. سوى الطلل محركة: ما شخص من آثار الدار. في المدارس جمع مدرسة، هي موضع الدراسة والقراءة، وذلك عبارة عن قلة الاعتناء بالعلم وانقراض أهله، وهذا في زمانه، فكيف بزماننا، وقد روينا في الحديث المسلسل بالترحم أن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: رحم الله لبيدا كيف لو أدرك زماننا هذا حين أنشد بين يديها: ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب و أنشدنا غير واحد: أما الخيام فإنها كخيامهم * وأرى نساء الحي غير نسائها نسأل الله اللطف والستر، إنه ولي الإجابة والأمر. ولا لها. مجاوب يرد لها جوابها. إلا الصدى وهو الصوت الذي يسمع من أركان السقوف والباب إذا وقع صياح في جوانبها. ما بين أعلامها أي علاماتها الكائنة فيها. الدوارس أي التي عفت آثارها، وكأن هذا مبالغة في الإعراض عن العلم وطلبه، بحيث لو قدر أنه رجل طالب يسأل من يأخذه لا يلقى له مجاوب ولا يوجد له داع ولا مجيب، وفي الفقرة التزام ما لا يلزم، وزاد في الأصل بعد هذه العبارة إن اختلف إلى الفقهاء محصل بيده التعليق فمسبب الديوان وحامل البروات، أو ألزم الحجة بطريق التوجيه معاند فمستخرج مال القسمات، يقع الخلاف ولا منع إلا عن الحق الصريح، ولا مطالبة إلا بالمال الجسيم، ولا مصادرة على المطلوب إلا بضرب يضطر معه إلى التسليم. إلى آخر ما قال. لكن (*) استدراك على الكلام السابق، وعبارة الأصل: ولو شئت لقلت أسأرت شفاه الليالي من القوم بقايا، وأخلفت بواسق النخل ودايا، بلى. لم يتصوح أي لم يتشقق ولم يجف، وصاح النبت وصوح وتصوح: يبس وجف، وظهرت فيه الشقوق. في عصف بفتح فسكون أي هب. تلك البوارح وهي الرياح الشديدة الحارة التي تهب بشدة في الصيف، والمراد بها تلك الحوادث والمصائب. نبت تلك الأباطح عبارة عن اللغة وأهلها على وجه الاستعارة التخييلية والمكنية والترشيحية. أصلا انتصابه على الظرفية، أي لم يتصوح وقتا من الأوقات. ورأسا هو في نسختنا بإثبات الهمز، وسقطت عن غالب الأصول المصححة، وهو على لغة بني تميم فإنهم يتركون الهمز لزوما، خلافا لمن زعم أن ترك الهمز انما هو تخفيف، قاله شيخنا، والمراد أن تلك الدوائر التي دارت على أهل اللغة لم تستأصلهم بالكلية، بل أبقت منهم بقية قليلة، تنجع إذا سقتها سحائب التدارك ممن يقيضه الله على عادته إحياء للدين وعلومه، وفي الفقرة ترصيع. ولم تستلب أي لم تختلس ولم ينتزع ذلك النبت الذي أريد به اللغة، وهو من الافتعال، وفي نسخة: ولم يتسلب، من
(٩٠)