النهار أو المجلس ما داموا مجتمعين فيه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وأفصح أي أكثر فصاحة من كل من ركب أي علا واستوى. الخوادي هي الإبل المسرعة في السير، ويستعمل في الخيل أيضا، مفردها خاد أو خادية، وإنما خصت الإبل لأنها أعظم مراكب العرب وجل مكاسبها. وأبلغ اسم تفضيل من البلاغة، وهي الملكة، وتقدم تعريفها. من حلب أي استخرج لبن. العوادي هي الإبل التي ترعى الحمض، على خلاف بين المصنف والجوهري، رحمهما الله تعالى، كما سيأتي مبينا في مادته. وركاب الخوادي وحلبة العوادي هم العرب، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب وأبلغهم، لأنهم هم المشهورون بالاعتناء بالإبل ركوبا وحلبا، ونظرا في أحوالها، وفي مقابلة ركب بحلب، والعوادي بالخوادي، ترصيع، وهو من الحسن بمكان، وفي نسخة جلب بالجيم بدل حلب بمعنى ساقها، والحوادي بالمهملة، وهو تحريف وخلاف للمنصوص المسموع من أفواه الرواة الثقات. بسقت هذه الجملة الفعلية في بيان عظمته وقهره صلى الله عليه وسلم لجميع من عاداه، ولهذا فصلها عما قبلها، أي طالت. دوحة هي الشجرة العظيمة من أي نوع كانت. رسالته أي بعثته العامة، والإضافة من إضافة المشبه به إلى المشبه. فظهرت أي غلبت واستولت. شوكة (*) هي واحدة الشوك، معروف، أو السلاح وأو الحدة أو شدة الباس والنكاية على العدو. الكوادي جمع كادية وهي الأرض الصلبة الغليظة البطيئة النبات، والمعنى أن رسالته صلى الله عليه وسلم التي هي كالشجرة العظيمة في كثرة الفروع وسعة الظل وثباته نسخت سائر الشرايع التي لولا بعثته صلى الله عليه وسلم لما تطرق إليها النسخ، وفي تشبيهها بالأشجار الشائكة النابتة في الأرض الغليظة الصلبة التي لا ينقلع ما فيها إلا بعسر ومشقة، بعد تشبيه رسالته صلى الله عليه وسلم بالدوحة في الارتفاع وسعة الظل وكثرة الفروع، من اللطافة ما لا يخفى، وفي نسخة زيادة شوك بعد شوكة، فيتعين حينئذ حمل الأخير على أحد معانيها المذكورة ما عدا الأول، وفي أخرى شرك، بالراء بدل الواو، بفتحتين، وضبطه بعضهم بكسر الشين، بمعناه المشهور، والكوادي حينئذ عبارة عن الكفرة، وإنما عبر عنهم بالشوكة، لكثرة ما في الشوك من الأذى والتأليم وقلة النفع وعدم الجدوى، وبالكوادي لعدم الثمر، ولعدم النمو، والمراد أن النبي صلى الله عليه وسلم غالب عليهم بقوته، وقاهر هم بحلمه، ومستول عليهم. واستأسدت أي طالت وبلغت، يقال: روض مستأسد، وسيأتي بيانه. رياض نبوته بالضم، أي نباتها، جمع روضة، هي مستنقع الماء في الرمل والعشب، أو الأرض ذات الخضرة والبستان الحسن. فعيت أي أعجزت. في المآسد جمع مأسدة هي الغابة. الليوث الأسود. العوادي التي لاستيحاشها وجراءتها تعدو على الخلق وتؤذيهم، ومن قوله بسقت إلى هنا هي النسخة الصحيحة المكية، وفي نسخة فغيبت بدل عيت، أي أخفت وفي أخرى فطهرت، بالطاء المهملة، أي أزالت أوساخ الشرك، وهذه النسخة التي نوهنا بشأنها هي نسخة الملك الناصر صلاح الدين بن رسول سلطان اليمن، بخط المحدث اللغوي أبي بكر بن يوسف بن عثمان الحميدي المغربي، وعليها خط المؤلف، إذ قرئت بين يديه في مدينة زبيد، حماها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام قبل وفاته بسنتين، وفي نسخة أخرى يمنية " نبينا الذي شعب دوح رسالته طهرت شوكة شوك الكوادي، ولا استأسدت رياض نبوته يحم الذوابل نضرتها إلا رعت في المآسد اللبون ذات التعادي فضلا عن الذئاب العوادي في إرداء الضوادي "، وفي نسخة أخرى قديمة: " استأسدت " من غير " لا " النافية، ونجم بدل يحم، وعثت بدل إلا رعت. وبين شوكة والشوك، واستأسدت، والمأسدة، جناس اشتقاق، والشعب هو طرف الغصن، ويحم بالتحتانية محذوف الآخر، والذوابل جمع ذابل، الرمح الرقيق، ونضرتها خضرتها وحسن بهجتها، والضمير راجع إلى الرياض، ورعت: تناولت الكلأ، واللبون: الشاة ذات اللبن، ومنه الحديث " يا أبا الهيثم إياك واللبون، اذبح عناقا " أخرجه الحاكم، والتعادي: التحامي أو الإسراع. والإرداء: الإهلاك. والضوادي: جمع ضادي بمعنى الضد، بإبدال المضعف. والنجم من النبات ما كان على غير ساق. وعثت، أي أفسدت. قال شيخنا: ونبه ابن الشحنة والقرافي وغيرهما أن نسخة المؤلف التي بخطه ليس فيها شي من هذه، وإنما فيها بعد قوله حلب العوادي. صلى الله عليه وسلم ومثله في نسخة نقيب الأشراف السيد محمد بن كمال الدين الحسيني الدمشقي التي صححها على أصول المشرق،
(٧٢)