فلما عصى سلبه الله العربية فتكلم بالسريانية، فلما ناب لله، رد الله عليه العربية.
و أخرج عبد الملك بن حبيب: كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من الجنة عربيا إلى أن بعد العهد وطال حرف وصار سريانيا، وهو منسوب إلى سورية، وهي أرض الجزيرة، بها كان نوح عليه السلام وقومه قبل الغرق، قال: وكان يشاكل اللسانا العربي، إلا أنه محرف، وهو كان لسان جميع من في السفينة إلا رجلا واحدا يقال له جرهم، فكان لسانه لسان العربي الأول، فلما خرجوا من السفينة تزوج إرم بن سام بعض بناته، فمنهم صار اللسان العربي في ولده عوص أبي عاد، وعبيل، وجائر أبي جديس وثمود، وسميت عاد باسم جرهم، لأنه كان جدهم من الأم، وبقي اللسان السرياني في ولد أرفخشذ بن سام إلى أن وصل إلى يشجب بن قحطان من ذريته، وكان باليمن، فنزل هناك بنو إسماعيل فتعلم منهم بنو قحطان اللسان العربي.
و قال ابن دحية: العرب أقسام:
الأول عاربة وعرباء، وهم الخلص، وهم تسع قبائل من ولد إرم بن سام بن نوح، وهي: عاد، وثمود، وأميم، وعبيل، وطسم، وجديس، وعمليق، وجرهم، ووبار، ومنهم تعلم إسماعيل عليه السلام العربية.
و الثاني المتعربة، وهم الذين ليسوا بخلص وهم بنو قحطان.
و الثالث المستعربة: وهم بنو إسماعيل وهم ولد معد بن عدنان، انتهى.
و قال أبو بكر بن دريد في الجمهرة: العرب العاربة سبع قبائل: عاد وثمود، وعمليق (1)، وطسم، وجديس وأميم، وجاسم، وقد انقرض أكثرهم إلا بقايا متفرقين في القبائل. قال: وسمي يعرب بن قحطان لأنه أول من انعدل لسانه عن السريانية إلى العربية وهذا معنى قول الجوهري في الصحاح: أول من تكلم العربية يعرب بن قحطان.
و قال الحاكم في المستدرك وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان عن بريدة رضي الله عنه، في قوله تعالى (بلسان عربي مبين) (2) قال: بلسان جرهم.
و قال محمد بن سلام: وأخبرني يونس، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: العرب كلها ولد إسماعيل، إلا جمير وبقايا جرهم، ولذلك يروى أن إسماعيل جاورهم وأصهر إليهم.
و قال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه: قيل إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل عليه السلام، والصحيح المشهور أن العرب العاربة قبل إسماعيل وهم: عاد، وثمود، وطسم، وجديس، وأميم، وجرهم، والعماليق. وأمم آخرون كانوا قبل الخليل عليه السلام، وفي زمانه أيضا، فأما العرب المستعربة وهم عرب الحجاز فمن ذرية إسماعيل عليه السلام، وأما عرب اليمن، وهم حمير، فالمشهور أنهم من قحطان، واسمه مهزم. قال ابن ماكولا، وذكروا أنهم كانوا أربعة إخوة، وقيل: من ذريته، وقيل: إن قحطان ابن هود، وقيل: أخوه، وقيل: من ذريته، وقيل: إن قحطان من سلالة إسماعيل عليه السلام. حكاه ابن إسحاق وغيره، والجمهور أن العرب القحطانية من عرب اليمن وغيرهم ليسوا من سلالة إسماعيل عليه السلام.
و قال الشيرازي في كتاب الألقاب، بسنده إلى مسمع بن عبد الملك، عن محمد بن علي بن الحسين، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل عليه السلام، وهو ابن أربع عشرة سنة ".
و في جزء الغطريف بسنده إلى عمر بن الخطاب أنه قال: يا رسول الله، مالك أفصحنا، ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: " كانت لغة إسماعيل قد درست، فجاء بها جبريل عليه السلام فحفظنيها فحفظتها " أخرجه ابن عساكر في تاريخه.
و أخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثلت لي أمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها ".