و جاء في الخطط التوفيقية: " وكناه السيد أبو الأنوار بن وفا بأبي الفيض، وذلك يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة 1182، ثم تزوج وسكن بعطفة الغسال، مع بقاء سكنه بخان الصاغة وشرع في شرح القاموس حتى أتمه في عدة سنين في نحو أربعة عشر مجلدا سماه تاج العروس، ولما أكمله أولم وليمة حافلة جمع فيها طلاب العلم وأشياخ الوقت بغير المعدية، و ذلك في سنة إحدى وثمانين ومئة وألف ".
ثمة تناقض بين هذه النصوص الثلاثة. ومن خلال معارضتها ومقارنتها وبعد دراستها نصل إلى ما يلي:
- أنه بدأ عمله في " تاج العروس " سنة 1174 وانتهى منه سنة 1188 وقد كتب بخطه أنه أتمه في 14 سنة وأيام. وهذا يبعد ما جاء في الخطط التوفيقية من أنه أتمه في " عدة " سنين، وأنه أتمه في سنة 1181.
- أن زواجه تم بين ربيع ثاني سنة 1182 ورمضان سنة 1183 يتضح ذلك من خلال نص الخطط التوفيقية أنه تزوج وسكن عطفة الغسال وذلك بعد تكنيته بأبي الفيض في شعبان سنة 1182، ويصرح الزبيدي نفسه أنه أنجز حرف الراء في رمضان سنة 1183 بمنزله في عطفة الغسال، يعني بعد زواجه وانتقاله إلى بيته الجديد من خان الصاغة.
و جاء في الخطط التوفيقية: " ولما أنشأ محمد بيك أبو الذهب جامعه المعروف بالقرب من الأزهر وعمل فيه خزانة الكتب، أنهوا إليه شرح القاموس هذا (وكان الزبيدي قد أكمله) و عرفوه أنه إذا وضع بالخزانة كمل نظامها، وانفردت بذلك دون غيرها، ورغبوه في ذلك، فطلبه و عوضه عنه مئة ألف درهم فضة ووضعه فيها.
و لم يزل المترجم يخدم العلم ويرقى في درج المعالي ويحرص على جمع الفنون...
و ألف في ذلك كتبا ورسائل ومنظومات وأراجيز.
ثم انتقل إلى منزل بسويقة اللالا في أوائل سنة 1189 فأحدق به الأكابر والأعيان...
و رغبوا في معاشرته وانجذبت قلوبهم إليه وتناقلوا خبره وحديثه، وكان يعرف اللغة التركية و الفارسية وبعض لسان الكرج.
و شرع في إملاء الحديث على طريقة السلف في ذكر الأسانيد والرواة والمخرجين من حفظه على طرق مختلفة.
و ازداد شأنه وعظم قدره بعد سعي علماء الأزهر إليه للأخذ عنه، واجتمع عليه أهل تلك النواحي وغيرها من العامة والأكابر والأعيان والتمسوا منه تبيين المعاني.
و دعاه كثير من الأعيان إلى بيوتهم وعملوا من أجله ولائم فاخرة فيذهب إليهم مع خواص الطلبة والمقرئ والمستملي وكاتب الأسماء، فيقرأ لهم شيئا من الأجزاء الحديثية كثلاثيات