بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الناشر الحمد لله مدبر الكائنات، مفضل لغة العرب على سائر اللغات، القائل: (قرآنا عربيا غير ذي عوج) [الزمر: 28] فاللغة هي الوعاء التي تودع فيه أمة من الأمم تراثها وذكرياتها و آدابها وأمجادها ومختلف جوانب ثقافتها وحضارتها.
و اللغة هي الأداة التي يعبر بها الفرد عن أحاسيسه ومشاعره وحاجاته، وهي التي تعبر من خلال أدائها دورها عن الرد على آلام وآمال وآداب وعلوم وفنون الأقوام التي تعتمدها.
و اللغة العربية إحدى اللغات الحية التي قامت على وجه الأرض، وتتجلى حيويتها في القدرة التي تختزنها على التجدد والتطور والاستيعاب.
من هذا المنطلق، يجب رعاية هذا الوعاء، وتعهده الفاعل والمتخصص حتى لا تضيع في مهب التداخلات والتمازجات، الحضارية والثقافية المختلفة فكيف إذا كانت هذه اللغة، هي لغة القرآن وبيان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟.
من هنا وجب إحاطة اللغة برعاية فائقة تهدف أولا إلى صيانتها، ومن ثم الارتقاء بها لتكون بحق اللغة العبقرية التي لا يستغنى عنها في وضع فروع المعرفة المختلفة في إطارها.
و قد تصدى الكثيرون من عرب ومسلمين ومستشرقين لدراسة عميقة لتراكيب اللغة و اشتقاقاتها، ولكن سعة اللغة العربية وصعوبة الإحاطة بها يحتمان مزيدا من الجهد، قال بعض الفقهاء: كلام العرب لا يحيط به إلا نبي.
هذا التصدي يندرج في سياق إحياء التراث العربي والإسلامي والذي تعددت جوانبه و رحبت آفاقه بحيث شمل مختلف فروع المعرفة واستوعب حضارات عميقة الجذور.
فمهمة إحياء كنوز هذا التراث، تقع على عاتق كل المخلصين والمؤمنين، بانطلاقة حضارية شاملة، من خلال ما تختزنه دفات هذه الكنوز، من ذخائر في مختلف الميادين.
هذه الانطلاقة، تتطلب مزيدا من الوعي والمتابعة والمثابرة والتنظيم، ورصد كل الإمكانيات المادية والمعنوية لدفعها قدما إلى الأمام.
و قد كانت وما زالت دار الفكر بيروت في مقدمة العاملين بهذا الإطار، بل حاملة اللواء