فلم أر مثلي يستجن صبابة، من البين، أو يبكي إلى غير واصل.
وتجنن عليه وتجان وتجانن: أرى من نفسه أنه مجنون.
وأجنه الله، فهو مجنون، على غير قياس، وذلك لأنهم يقولون جن، فبني المفعول من أجنه الله على هذا، وقالوا: ما أجنه، قال سيبويه: وقع التعجب منه بما أفعله، وإن كان كالخلق لأنه ليس بلون في الجسد ولا بخلقة فيه، وإنما هو من نقصان العقل. وقال ثعلب: جن الرجل وما أجنه، فجاء بالتعجب من صيغة فعل المفعول، وإنما التعجب من صيغة فعل الفاعل، قال ابن سيده: وهذا ونحوه شاذ. قال الجوهري: وقولهم في المجنون ما أجنه شاذ لا يقاس عليه، لأنه لا يقال في المضروب ما أضربه، ولا في المسؤول ما أسأله. والجنن، بالضم: الجنون، محذوف منه الواو، قال يصف الناقة:
مثل النعامة كانت، وهي سائمة، أذناء حتى زهاها الحين والجنن جاءت لتشري قرنا أو تعوضه، والدهر فيه رباح البيع والغبن.
فقيل، إذ نال ظلم ثمت، اصطلمت إلى الصماخ، فلا قرن ولا أذن.
والمجنة: الجنون. والمجنة: الجن. وأرض مجنة:
كثيرة الجن، وقوله:
على ما أنها هزئت وقالت هنون أجن منشاذا قريب.
أجن: وقع في مجنة، وقوله هنون، أراد يا هنون، وقوله منشاذا قريب، أرادت أنه صغير السن تهزأ به، وما زائدة أي على أنها هزئت. ابن الأعرابي: بات فلان ضيف جن أي بمكان خال لا أنيس به، قال الأخطل في معناه:
وبتنا كأنا ضيف جن بليلة.
والجان: أبو الجن خلق من نار ثم خلق منه نسله. والجان:
الجن، وهو اسم جمع كالجامل والباقر. وفي التنزيل العزيز: لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان. وقرأ عمرو بن عبيد: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس قبلهم ولا جأن، بتحريك الألف وقلبها همزة، قال:
وهذا على قراءة أيوب السختيالي: ولا الضألين، وعلى ما حكاه أبو زيد عن أبي الأصبغ وغيره: شأبة ومأدة، وقول الراجز:
خاطمها زأمها أن تذهبا (* قوله خاطمها إلخ ذكر في الصحاح:
يا عجبا وقد رأيت عجبا * حمار قبان يسوق أرنبا خاطمها زأمها أن تذهبا * فقلت أردفني فقال مرحبا).
وقوله:
وجله حتى ابيأض ملببه وعلى ما أنشده أبو علي لكثير:
وأنت، ابن ليلى، خير قومك مشهدا، إذا ما إحمأرت بالعبيط العوامل.
وقول عمران بن حطان الحروري:
قد كنت عندك حولا لا تروعني فيه روائع من إنس ولا جاني.
إنما أراد من إنس ولا جان فأبدل الون الثانية ياء، وقال ابن جني:
بل حذف النون الثانية تخفيفا. وقال أبو إسحق في قوله تعالى:
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، روي أن خلقا يقال لهم الجان كانوا في الأرض فأفسدوا فيا وسفكوا الدماء فبعث