وذكر فتنة فقال تشبه مقبلة وتبين مدبرة، قال شمر: معناه أن الفتنة إذا أقبلت شبهت على القوم وأرتهم أنهم على الحق حتى يدخلوا فيها ويركبوا منها ما لا يحل، فإذا أدبرت وانقضت بان أمرها، فعلم من دخل فيها أنه كان على الخطأ. والشبهة: الالتباس. وأمور مشتبهة ومشبهة (* قوله ومشبهة كذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال المجد:
مشبهة كمعظمة): مشكلة يشبه بعضها بعضا، قال:
واعلم بأنك في زما ن مشبهات هن هنه وبينهم أشباه أي أشياء يتشابهون فيها. وشبه عليه: خلط عليه الأمر حتى اشتبه بغيره. وفيه مشابه من فلان أي أشباه، ولم يقولوا في واحدته مشبهة، وقد كان قياسه ذلك، لكنهم استغنوا بشبه عنه فهو من باب ملامح ومذاكير، ومنه قولهم: لم يسر رجل قط ليلة حتى يصبح إلا أصبح وفي وجهه مشابه من أمه.
وفيه شبهة منه أي شبه. وفي الحديث الديات: دية شبه العمد أثلاث، هو أن ترمي إنسانا بشئ ليس من عادته أن يقتل مثله، وليس من غرضك قتله، فيصادف قضاء وقدرا فيقع في مقتل فيقتل، فيجب فيه الدية دون القصاص. ويقال:
شبهت هذا بهذا، وأشبه فلان فلانا. وفي التنزيل العزيز: منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، قيل: معناه يشبه بعضها بعضا. قال أبو منصور: وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله وأخر متشابهات، فروي عن ابن عباس أنه قال: المتشابهات ألم الر، وما اشتبه على اليهود من هذه ونحوها. قال أبو منصور: وهذا لو كان صحيحا ابن عباس كان مسلما له، ولكن أهل المعرفة بالأخبار وهنوا إسناده، وكان الفراء يذهب إلى ما روي عن ابن عباس، وروي عن الضحاك أنه قال: المحكمات ما لم ينسخ، والمتشابهات ما قد نسخ. وقال غيره: المتشابهات هي الآيات التي نزلت في ذكر القيامة والبعث ضرب قوله: وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا أم به جنة، وضرب قوله: وقالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون، فهذا الذي تشابه عليهم، فأعلمهم الله الوجه الذي ينبغي أن يستدلوا به على أن هذا المتشابه عليهم كالظاهر لو تدبروه فقال: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون، أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم، أي إذا كنتم أقررتم بالإنشاء والابتداء فما تنكرون من البعث والنشور، وهذا قول كثير من أهل العلم وهو بين واضح، ومما يدل على هذا القول قوله عز وجل:
فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، أي أنهم طلبوا تأويل بعثهم وإحيائهم فأعلم الله أن تأويل ذلك ووقته لا يعلمه إلا الله عز وجل، والدليل على ذلك قوله: هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله، يريد قيام الساعة وما وعدوا من البعث والنشور، والله أعلم. وأما قوله: وأتوا به متشابها، فإن أهل اللغة قالوا معنى متشابها يشبه بعضه بعضا في الجودة والحسن، وقال المفسرون: متشابها يشبه بعضه بعضا في الصورة ويختلف في الطعم، ودليل المفسرين قوله تعالى: هذا الذي