فاضطربت النون فمادت الأرض فخلق الجبال فأثبتها بها، ثم قرأ ابن عباس: ن والقلم وما يسطرون، قال ابن الأنباري في باب إخفاء النون وإظهارها: النون مجهورة ذات غنة، وهي تخفي مع حروف الفم خاصة، وتبين مع حروف الحلق عامة، وإنما خفيت مع حروف الفم لقربها منها، وبانت مع حروف الحلق لبعدها منها، وكان أبو عمرو يخفي النون عند الحروف التي تقاربها، وذلك أنها من حروف الفم كقولك: من قال ومن كان ومن جاء. قال الله تعالى: من جاء بالحسنة، على الاخفاء، فما بيانها عند حروف الحلق السنة فإن هذه الستة تباعدت من مخرجها، ولم تكون من قبيلها ولا من حيزها فلم تخف فيها، كما أنها لم تدغم فيا، وكما أن حروف اللسان لا تدغم في حروف الحلق لبعدها منا، وأنما أخفيت مع حروف الفم كما أدغمت في السلام وأخواتها كقولك: من أجلك، من هنا، من خاف، من حرم زينة الله، من عل، من علك. قال: من العرب من يجزي الغين والخاء مجرى القاف والكاف في إخفاء النون معها، وقد حكاه النضر عن الخليل قال:
وإليه ذهب سيبويه.
قال الله تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان، إن شئت أخفيت وإن شئت أبنت.
وقال الأزهري في موضع آخر: النون حرف فيه نونان بينهما واو، وهي مدة، ولو قيل في الشعر نن كان صوابا.
وقرأ أبو عمرو نون جزما، وقرأ أبو إسحق نون جرا، وقال النحوين، النون تزاد في الأسماء والافعال، فأما في الأسماء فإنها تزاد أولا في نفعل إذا سمي به، وتزاد ثانيا في جندب وجنعدل، وتزاد ثالثة في حبنطى وسرندى وما أشبهه، وتزاد رابعة في خلبن وضيفن وعلجن ورعشن، وتزاد خامسة في مثل عثمان وسلطان، وتزاد سادسة في زعفران وكيذبان، وتزاد سابعة في مثل عبيثران، وتزاد علامة للصرف في كل اسم منصرف، وتزاد في الافعال ثقيلة وخفيفة، وتزاد في التثنية والجمع وفي الامر في جماعة النساء، والنون حرف هجاء مجهور أغن، يكون أصلا وبدلا وزائدا، فالأصل نحو نون نعم ونون جنب، وأما البدل فذهب بعضهم إلى أنه النون في فعلان فعلى بدل من همزة فعلاء، وإنما دعاهم إلى القول بذلك أشياء: منها أن الوزن في الحركة والسكون في فعلان وفعلى واحد، وأن في آخر فلان زائدتين زيدتا معا والأولى منها ألف ساكنة، كما أن فعلان كذلك، منها أن مؤنث فعلان على غير بنائها، ومنها أن آخر فعلاء همزة التأنيث كما أن آخر فعلان نونا تكون في فعلن نحو قمن وقعدن علامة تأنيث، فلما أشبهت الهمزة النون هذا الاشتباه وتقاربتا هذا التقارب، لم يخل أن تكونا أصليتين كل واحدة منهما قائمة غير مبدلة من صاحبتها، أو تكون إحداهما منقلبة عن الأخرى، فالذي يدل على أنهما ليستا بأصلين بل النون بدل من الهمزة قولهم في صنعاء وبهراء، يدل على أنها في باب فعلان، فعلى بدل همزة فعلاء، وقد ينضاف إليه مقويا له قولهم في جمع إنسان أناسي، وفي ظربان ظرابي، فجرى هذا مجرى قولهم صلفاء وصلافي وخبراء وخباري، فردهم النون في إنسان وضربان ياء في ظرابي وأناسي، وردهم همزة خبراء وصلفاء ياء، يدل على أن الموضع للهمزة، أن النون داخلة عليها. الجوهري، النون حرف من المعجم، وهو من حروف الزيادات، وقد تكون للتأكيد تلحق الفعل المستقبل بعد لام القسم كقولك: الله لأضربن زيدا، وتلحق بعد ذلك الامر والنهي تقول: اضربن زيدا ولا تضربن عمرا، وتلحق في الاستفهام تقول، هل تضربن زيدا، وبعد الشرط كقولك: إما تضربن زيدا أضربه، إذا زدت على إن ما زدت على فعل الشرط