صلى الله عليه وسلم، قال: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض أي أفطن لها وأجدل، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار، قال ابن الأثير: اللحن الميل عن جهة الاستقامة، يقال: لحن فلان في كلامه إذا مال عن صحيح المنطق، وأراد أن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره. واللحن، بفتح الحاء: الفطنة. قال ابن الأعراب: اللحن، بالسكون، الفطنة والخطأ سواء، قال: وعامة أهل اللغة في هذا على خلافه، قالوا: الفطنة، بالفتح، والخطأ، بالسكون. قال ابن الأعرابي: واللحن أيضا، بالتحريك، اللغة. وقد روي أن القرآن نزل بلحن قريش أي بلغتهم. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: تعلموا الفرائض والسنة واللحن، بالتحريك، أي اللغة، قال الزمخشري: تعلموا الغريب واللحن لأن في ذلك علم غريب القرآن ومعانيه ومعاني الحديث والسنة، ومن لم يعرفه لم يعرف أكثر كتاب الله ومعانيه ولم يعرف أكثر السنن. وقال أبو عبيد في قول عمر، رضي الله عنه: تعلموا اللحن أي الخطأ في الكلام لتحترزوا منه. وفي حديث معاوية: أنه سأل عن أبي زياد فقيل إنه ظريف على أنه يلحن، فقال: أو ليس ذلك أظرف له؟ قال القتيبي: ذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة، محرك الحاء. وقال غيره. إنما أراد اللحن ضد الإعراب، وهو يستملح في الكلام إذا قل، ويستثقل الإعراب والتشدق. ولحن لحنا: فطن لحجته وانتبه لها. ولاحن الناس: فاطنهم، وقوله مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري:
وحديث ألذه هو مما ينعت الناعتون يوزن وزنا منطق رائع، وتلحن أحيا نا، وخير الحديث ما كان لحنا يريد أنها تتكلم بشئ وهي تريد غيره، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها كما قال عز وجل: ولتعرفنهم في لحن القول، أي في فحواه ومعناه، وقال القتال الكلابي:
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا، ولحنت لحنا لحنا ليس بالمرتاب وكأن اللحن في العربية راجع إلى هذا لأنه من العدول عن الصواب. وقال عمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاحن الناس ولاحنوه كيف لا يعرف جوامع الكلم، أي فاطنهم وفاطنوه وجادلهم، ومنه قيل:
رجل لحن إذا كان فطنا، قال لبيد:
متعوذ لحن يعيد بكفه قلما على عسب ذبلن وبان وأما قول عمر، رضي الله عنه: تعلموا اللحن والفرائض، فهو بتسكين الحاء وهو الخطأ في الكلام. وفي حديث أبي العالية قال: كنت أطوف مع ابن عباس وهو يعلمني لحن الكلام، قال أبو عبيد: وإنما سماه لحنا لأنه إذا بصره بالصواب فقد بصره اللحن. قال شمر: قال أبو عدنان سألت الكلابيين عن قول عمر تعلموا اللحن في القرآن كما تعلمونه فقالوا: كتب هذا عن قوم ليس لهم لغو كلغونا، قلت: ما اللغو؟ فقال: الفاسد من الكلام، وقال الكلابيون: اللحن اللغة، فالمعنى في قول عمر تعلموا اللحن فيه يقول تعلموا كيف لغة العرب فيه الذين نزل القرآن بلغتهم، قال أبو عدنان: وأنشدتني الكلبية:
وقوم لهم لحن سوى لحن قومنا وشكل، وبيت الله، لسنا نشاكله