سبحن واسترجعن من تأله وسبح: لغة، حكى ثعلب سبح تسبيحا وسبحانا، وعندي أن سبحانا ليس بمصدر سبح، إنما هو مصدر سبح، إنما هو مصدر سبح. وفي التهذيب: سبحت الله تسبيحا وسبحانا بمعنى واحد، فالمصدر تسبيح، والاسم سبحان يقوم مقام المصدر. وأما قوله تعالى: تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم، قال أبو إسحق: قيل إن كل ما خلق الله يسبح بحمده، وإن صرير السقف وصرير الباب من التسبيح، فيكون على هذا الخطاب للمشركين وحدهم: ولكن لا تفقهون تسبيحهم، وجائز أن يكون تسبيح هذه الأشياء بما الله به أعلم لا نفقه منه إلا ما علمناه، قال: وقال قوم وإن من شئ إلا يسبح بحمده أي ما من دابة إلا وفيه دليل أن الله، عز وجل، خالقه وأن خالقه حكيم مبرأ من الأسواء ولكنكم، أيها الكفار، لا تفقهون أثر الصنعة في هذه المخلوقات، قال أبو إسحق:
وليس هذا بشئ لأن الذين خوطبوا بهذا كانوا مقرين أن الله خالقهم وخالق السماء والأرض ومن فيهن، فكيف يجهلون الخلقة وهم عارفون بها؟ قال الأزهري: ومما يدلك على أن تسبيح هذه المخلوقات تسبيح تعبدت به قول الله عز وجل للجبال: يا جبال أوبي معه والطير، ومعنى أوبي سبحي مع داود النهار كله إلى الليل، ولا يجوز أن يكون معنى أمر الله عز وجل للجبال بالتأويب إلا تعبدا لها، وكذلك قوله تعالى: ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس، فسجود هذه المخلوقات عبادة منها لخالقها لا نفقهها عنها كما لا نفقه تسبيحها، وكذلك قوله:
وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله، وقد علم الله هبوطها من خشيته ولم يعرفنا ذلك فنحن نؤمن بما أعلمنا ولا ندعي بما لا نكلف بأفهامنا من علم فعلها كيفية نحدها.
ومن صفات الله عز وجل: السبوح القدوس، قال أبو إسحق:
السبوح الذي ينزه عن كل سوء، والقدوس: المبارك، وقيل: الطاهر، وقال ابن سيده: سبوح قدوس من صفة الله عز وجل، لأنه يسبح ويقدس، ويقال: سببوح قدوس، قال اللحياني: المجتمع عليه فيها الضم، قال: فإن فتحته فجائز، هذه حكايته ولا أدري ما هي. قال سيبويه: إنما قولهم سبوح قدوس رب الملائكة والروح، فليس بمنزلة سبحان لأن سبوحا قدوسا صفة، كأنك قلت ذكرت سبوحا قدوسا فنصبته على إضمار الفعل المتروك إظهاره، كأنه خطر على باله أنه ذكره ذاكر، فقال سبوحا أي ذكرت سبوحا، أو ذكره هو في نفسه فأضمر مثل ذلك، فأما رفعه فعلى إضمار المبتدأ وترك إظهار ما يرفع كترك إظهار ما ينصب، قال أبو إسحق: وليس في كلام العرب بناء على فعول، بضم أوله، غير هذين الاسمين الجليلين وحرف آخر (* قوله وحرف آخر إلخ نقل شارح القاموس عن شيخه قال: حكى الفهري عن اللحياني في نوادره اللغتين في قولهم ستوق وشبوك لضرب من الحوت وكلوب اه ملخصا. قوله والفتح فيهما إلخ عبارة النهاية. وفي حديث الدعاء سبوح قدوس يرويان بالفتح والضم، والفتح فيهما إلى قوله والمراد بهما التنزيه.) وهو قولهم للذريح، وهي دويبة: ذروح، زادها ابن سيده فقال: وفروج، قال: وقد يفتحان كما يفتح سبوح وقدوس، روى ذلك كراع. وقال ثعلب: كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح وقدوس، روى ذلك كراع. وقال ثعلب:
كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح والقدوس، فإن الضم فيهما