السبح أيضا فراغا بالليل، وقال الفراء: يقول لك في النهار ما تقضي حوائجك، قال أبو إسحق: من قرأ سبخا فمعناه قريب من السبح، وقال ابن الأعرابي: من قرأ سبحا فمعناه اضطرابا ومعاشا، ومن قرأ سبخا أراد راحة وتخفيفا للأبدان. قال ابن الفرج: سمعت أبا الجهم الجعفري يقول: سبحت في الأرض وسبخت فيها إذا تباعدت فيها، ومنه قوله تعالى: وكل في فلك يسبحون أي يجرون، ولم يقل تسبح لأنه وصفها بفعل من يعقل، وكذلك قوله: والسابحات سبحا، هي النجوم تسبح في الفلك أي تذهب فيها بسطا كما يسبح السابح في الماء سبحا، وكذلك السابح من الخيل يمد يديه في الجري سبحا، وقال الأعشى:
كم فيهم من شطبة خيفق، وسابح ذي ميعة ضامر وقال الأزهري في قوله عز وجل: والسابحات سبحا فالسابقات سبقا، قيل: السابحات السفن، والسابقات الخيل، وقيل: إنها أرواح المؤمنين تخرج بسهولة، وقيل: الملائكة تسبح بين السماء والأرض.
وسبح اليربوع في الأرض إذا حفر فيها، وسبح في الكلام إذا أكثر فيه. والتسبيح: التنزيه.
وسبحان الله: معناه تنزيها لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أن يوصف، قال: ونصبه أنه في موضع فعل على معنى تسبيحا له، تقول: سبحت الله تسبيحا له أي نزهته تنزيها، قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال الزجاج في قوله تعالى:
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا، قال: منصوب على المصدر، المعنى أسبح الله تسبيحا. قال: وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء، قال ابن شميل: رأيت في المنام كأن إنسانا فسر لي سبحان الله، فقال:
أما ترى الفرس يسبح في سرعته؟ وقال: سبحان الله السرعة إليه والخفة في طاعته، وجماع معناه بعده، تبارك وتعالى، عن أن يكون له مثل أو شريك أو ند أو ضد، قال سيبويه: زعم أبو الخطاب أن سبحان الله كقولك براءة الله أي أبرئ الله من السوء براءة، وقيل:
قوله سبحانك أي أنزهك يا رب من كل سوء وأبرئك. وروى الأزهري بإسناده أن ابن الكوا سأل عليا، رضوان الله تعالى عليه، عن سبحان الله، فقال: كلمة رضيها الله لنفسه فأوصى بها. والعرب تقول: سبحان من كذا إذا تعجبت منه، وزعم أن قول الأعشى في معنى البراءة أيضا:
أقول لما جاءني فخره:
سبحان من علقمة الفاخر أي براءة منه، وكذلك تسبيحه: تبعيده، وبهذا استدل على أن سبحان معرفة إذ لو كان نكرة لانصرف. ومعنى هذا البيت أيضا: العجب منه إذ يفخر، قال: وإنما لم ينون لأنه معرفة وفيه شبه التأنيث، وقال ابن بري:
إنما امتنع صرفه للتعريف وزيادة الألف والنون، وتعريفه كونه اسما علما للبراءة، كما أن نزال اسم علم للنزول، وشتان اسم علم للتفرق، قال: وقد جاء في الشعر سبحان منونة نكرة، قال أمية:
سبحانه ثم سبحانا يعود له، وقبلنا سبح الجودي والجمد وقال ابن جني: سبحان اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه بمنزلة عثمان وعمران، اجتمع في سبحان التعريف والألف والنون، وكلاهما علة تمنع من الصرف.
وسبح الرجل: قال سبحان الله، وفي التنزيل: كل قد علم صلاته وتسبيحه، قال رؤبة: