وكذلك نون الوقاية، إن قلنا: إنها لحفظ فتحتها، فقط، كما تحفظ سكون (من)، و (عن)، فهي من جهات المشابهة، وإن قلنا: هي لأجل المشابهة، فلا ، فلما شابهت الأفعال المتعدية معنى، لطلبها الجزأين مثلها، وشابهت مطلق الأفعال لفظا بما ذكرنا 1، كانت مشابهتها للأفعال أقوى من مشابهة (ما) الحجازية، فجعل عملها أقوى، بأن قدم منصوبها على مرفوعها، وذلك لأن عمل الفعل الطبيعي أن يرفع ثم ينصب، فعكسه عمل غير طبيعي، فهو تصرف في العمل، وقيل: قدم المنصوب على المرفوع قصدا إلى الفرق بينها وبين الأفعال التي هي أصلها من أول الأمر، أو تنبيها بجعل عملها فرعيا على كونها فروعا للفعل، وهاتان العلتان ثابتتان في (ما) الحجازية، ولم يقدم منصوبها على مرفوعها، فالعلة هي الأولى، ومشابهتها معنى لمطلق الفعل، من حيث إن: في: (إن، وأن) معنى حققت وأكدت، وفي (كأن) معنى: شبهت، قال الزجاج: هي للتشبيه إذا كان خبرها جامدا، نحو: كأن زيدا أسد، وللشك، إذا كان صفة مشتقة، نحو: كأنك قائم، لأن الخبر هو الاسم، والشئ لا يشبه بنفسه، والأولى أن يقال: هي للتشبيه أيضا، والمعنى: كأنك شخص قائم، حتى يتغاير الاسم والخبر حقيقة، فيصح تشبيه أحدهما بالآخر، إلا أنه لما حذف الموصوف، وأقيم الوصف مقامه، وجعل الاسم بسبب التشبيه كأنه الخبر بعينه، صار الضمير في الخبر يعود إلى الاسم لا إلى الموصوف المقدر، فلهذا تقول: كأني أمشي، وكأنك تمشي، والأصل: كأني رجل يمشي، وكأنك رجل يمشي، وقيل: هي للتحقيق في نحو: كأنك بالدنيا لم تكن، وكأنك بالآخرة لم تزل، وكأنك بالليل قد أقبل، ،
(٣٣١)