(ه) وفيه أنه قال: (ما تعدون الرقوب فيكم؟ قالوا: الذي لا يبقى له ولد، فقال: بل الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا)، الرقوب في اللغة: الرجل والمرأة إذا لم يعش لهما ولد، لأنه يرقب موته ويرصده خوفا عليه، فنقله النبي صلى الله عليه وسلم إلى الذي لم يقدم من الولد شيئا:
أي يموت قبله، تعريفا أن الاجر والثواب لمن قدم شيئا من الولد، وأن الاعتداد به أكثر، والنفع فيه أعظم. وأن فقدهم وإن كان في الدنيا عظيما فإن فقد الاجر والثواب على الصبر والتسليم للقضاء في الآخرة أعظم، وأن المسلم ولده في الحقيقة من قدمه واحتسبه، ومن لم يرزق ذلك فهو كالذي لا ولد له. ولم يقله إبطالا لتفسيره اللغوي، كما قال: إنما المحروب من حرب دينه، ليس على أن من أخذ ماله غير محروب.
(ه) وفيه (الرقبى لمن أرقبها) هو أن يقول الرجل للرجل قد وهبت لك هذه الدار، فإن مت قبلي رجعت إلى، وإن مت قبلك فهي لك. وهي فعلى من المراقبة، لان كل واحد منهما يرقب موت صاحبه. والفقهاء فيها مختلفون، منهم من يجعلها تمليكا، ومنهم من يجعلها كالعارية، وقد تكررت الأحاديث فيها.
* وفيه (كأنما أعتق رقبة) قد تكررت الأحاديث في ذكر الرقبة وعتقها وتحريرها وفكها وهي في الأصل العنق، فجعلت كناية عن جميع ذات الانسان، تسمية للشئ ببعضه، فإذا قال: أعتق رقبة، فكأنه قال أعتق عبدا أو أمة.
* ومنه قولهم (ذنبه في رقبته).
* ومنه حديث قسم الصدقات (وفى الرقاب) يريد المكاتبين من العبيد يعطون نصيبا من الزكاة يفكون به رقابهم، ويدفعونه إلى مواليهم.
(س) ومنه حديث ابن سيرين (لنا رقاب الأرض) أي نفس الأرض، يعنى ما كان من أرض الخراج فهو للمسلمين، ليس لأصحابه الذين كانوا فيه قبل الاسلام شئ، لأنها فتحت عنوة.
* ومنه حديث بلال (والركائب المناخة لك رقابهن وما عليهن) أي ذواتهن وأحمالهن.
* ومنه حديث الخيل (ثم لم ينس حق الله في رقابها وظهورها) أراد بحق رقابها الاحسان إليها، وبحق ظهورها الحمل عليها.