" بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سمعه عيانه، إن الناس طعنوا عليه، وكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه، وأقل عيبه، وكان هذان الرجلان أهون سيرهما فيه الوجيف، وقد كان من أمر عائشة فلتة على غضب، فأتيح له قوم فقتلوه، ثم إن الناس بايعوني غير مستكرهين، وكان هذان الرجلان أول من فعل على ما بويع عليه من كان قبلي، ثم إنهما استأذناني في العمرة، وليس يريدانها، فنقضا العهد، وآذنا بحرب، وأخرجا عائشة من بيتها، ليتخذانها فئة، وقد سارا إلى البصرة اختيارا لها، وقد سرت إليكم اختيارا لكم، ولعمري ما إياي تجيبون، ما تجيبون إلا الله ورسوله، ولن أقاتلهم وفي نفسي منهم حاجة، وقد بعثت إليكم بالحسن بن علي وعمار بن ياسر وقيس بن سعد مستنفرين فكونوا عند ظني بكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
فلما قرأ الكتاب على الناس قام خطباء الكوفة، شريح بن هانئ وغيره، فقالوا:
والله لقد أردنا أن نركب إلى المدينة حتى نعلم علم عثمان، فقد أنبأنا الله به في بيوتنا؛ ثم بذلوا السمع والطاعة، وقالوا: رضينا بأمير المؤمنين (عليه السلام) ونطيع أمره، ولا نتخلف عن دعوته، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه سمعا وطاعة.
فلما سمع الحسن بن علي (عليه السلام) ذلك قام خطيبا فقال: أيها الناس إنه قد كان من أمير المؤمنين علي ما تكفيكم جملته، وقد أتيناكم مستنفرين لكم، لأنكم جبهة الأمصار، ورؤساء العرب، وقد كان من نقض طلحة والزبير بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم وهو ضعف النساء وضعف رأيهن، وقد قال الله تعالى ﴿الرجال قوامون على النساء﴾ (1) وأيم الله لو لم ينصره أحد لرجوت أن يكون له