وأما أنت يا مغيرة؛ فإنما مثلك مثل البقة قالت للنخلة استمسكي فإني أريد أن أنزل عنك؛ فقالت والله ما شعرت بوقوعك علي فكيف أهتم بنزولك عني؛ فقل لي على أي الخصال تسب عليا لبعده من رسول الله؛ أم لسوء بلائه في الإسلام؛ أم لرغبته في الدنيا؛ أم لجوره في الأحكام؛ فإن قلت بواحدة منهن فقد كذبك الله ورسوله.
فأما زعمك أن عليا قتل عثمان فلست من ذلك في شيء؛ وأما قولك في الملك فإن الله تعالى يقول لنبيه (عليه السلام): (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) ويقول تعالى: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها﴾ (1) ثم إنه (عليه السلام) نفض رداءه وقام.
فقال معاوية لأصحابه: ذوقوا وبال أمركم فقالوا: والله ما ذقنا مثل ما ذقت فقال:
ألم أقل لكم إنكم لم تنتصروا من الرجل فلا أطعتموني إذ نهيتكم ولا انتصرتم إذ فضحكم؛ والله ما قام حتى أظلم علي البيت وهممت أن أبطش به؛ فليس فيكم خير اليوم ولا قبل اليوم ولا بعده.
وسمع مروان بن الحكم ما لقي معاوية وأصحابه من الحسن [(عليه السلام)] فأتى معاوية فوجد عنده عمرو؛ والوليد بن عقبة؛ وعمرو بن عثمان؛ وعتبة؛ والمغيرة؛ فسألهم عما بلغه من أمر الحسن فقالوا: قد كان ذلك؛ فقال لهم مروان أفلا أحضرتموني فلو حضرت لسببته وأهل بيته سبا تتغنى به الإماء والعبيد فقالوا له الآن لم يفتك شيء لما يعلمون من ذرابة لسان مروان وفحش منطقه؛ فأرسل إليه معاوية؛ فأتى الحسن فجلس على السرير بين معاوية وعمرو فقال معاوية ما أرسلت إليك ولكن مروان