موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٢
ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة، إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي ومنا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم.
فأما الغنائم والفوائد: فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى:
﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير﴾ (1).
والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر عظيم، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله، ومثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحبه، ومن ضرب ما صار إلى قوم من موالي من أموال الخرمية (2) الفسقة، فقد

(١) الأنفال: ٤١.
(2) الخرمية أو الخرمدينية: اللفظ معناه المرح الإباحي والسرور والبهجة المتوخية للملذات والشهوات.
وهي فرقة دينية سياسية ظهرت على المسرح بعد مقتل أبي مسلم الخراساني عبد الرحمن بن مسلم سنة (137 ه‍ / 755 م). ففي هذه السنة ظهر اسم هذه الفرقة لأول مرة في التأريخ بعد إعلان بابك الخرمي الثورة على العباسيين بعد مصرع أبي مسلم بفترة قصيرة، وذهب هو وأتباعه الذين عرفوا ب‍ (الخرمية) إلى أن أبا مسلم لم يمت، وأنه لابد من ظهوره ثانية ليملأ الأرض عدلا. وقيل: إن الخرميين هم المزدكيون السابقون أو من بقاياهم قبل الإسلام، وقد أجروا على دين مزدك بعض التعديلات، وتأثروا بعقائد غلاة الشيعة، فأحدثوا نظاما جديدا أسموه النظام الخرمديني (خرم دين) وهو تقليد لاصطلاح (به دين) أي الدين الأفضل، حيث كانوا يستخدمونه مرادفا للدين المجوسي. وهناك قول يذهب إلى أن زوجة مزدك واسمها (خرمك) فرت بعد مقتل زوجها حوالي سنة (96 ق. ه‍ / 528 م) - قبل الإسلام - إلى المدائن، ثم انتقلت إلى الري وهي تبلغ لدين الزوج القتيل، لذلك لقب أتباع هذا الدين ب‍ (الخرمدينيين).
هذه أصول نشأة الفرقة الخرمية، وتسميتها. وقيل غير ذلك. وأما بشأن عقائدهم فإنهم يعتقدون بالتناسخ. وأن لا حياة غير الحياة الدنيا، فالقيامة لا وجود لها في مفاهيمهم، فليس هناك جنة ولا نار، إنما المعذب الذي تحل روحه في جسم شرير كالكلب أو القرد أو الخنزير. وأن الأرواح جميعا ترجع ثانية إلى الدنيا بعد تناسخها في أبدان خيرة أو شريرة، ويسمونها (الرجعة).
ومن عقائدهم الأخرى أن الناس كلهم شركاء في الأموال والنساء، وأن الوحي عندهم لا ينقطع أبدا، وكل ذي دين مصيب إذا كان يرجو الثواب ويخشى العقاب. ولا أدري ما هو معيار الثواب والعقاب عندهم. ثم إنهم يعظمون أبا مسلم كثيرا، ويكثرون الصلاة على (مهدي بن فيروز) كونه من ولد فاطمة بنت أبي مسلم الخراساني. ولهم رسل يسمونهم (فرشتگان)، وأن أحد أنبيائهم في الجاهلية واسمه (شروين بن سرخاب) ويزعمون أنه كان أفضل من النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن سائر الأنبياء.
والخرميون يظهرون أنفسهم على أنهم محبون لأهل البيت (عليهم السلام)؛ ليوهموا الناس بهذا الانتماء الباطل. ولهذا السبب وغيره عدهم المؤرخون من فرق الشيعة.
ومن رؤوس هذه الفرقة (جاويدان بن سهرك) الذي يعتبر أستاذ بابك الخرمي.
وأخيرا فإن الخرمية رفعوا عنهم عناء العبادة، فلا صوم ولا صلاة، ولا حج عندهم. بل، ولا غسل من الجنابة، راجع: موسوعة الفرق الاسلامية د. محمد جواد مشكور: ص 230 - 233، وراجع في تفصيل نشأتهم وقصتها فهرست النديم: ص 405 - 408.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست