قال يحيى: ما تقول - جعلني الله فداك (أو يا أبا جعفر أصلحك الله ما تقول) - في محرم قتل صيدا؟
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): " قتله في حل أو حرم؟ عالما كان المحرم أم جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرا كان المحرم أم عبدا؟ صغيرا كان أو كبيرا؟
مبتدئا بالقتل أم معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد كان أم من كباره؟ مصرا على ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله للصيد في أوكارها أم نهارا وعيانا؟ محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرما؟ ".
فتحير يحيى بن أكثم وانقطع انقطاعا لم يخف على أحد من أهل المجلس، وبان في وجهه العجز والانقطاع، وتلجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره، وتحير الناس عجبا من جواب أبي جعفر (عليه السلام).
فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي. ثم نظر إلى أهل بيته، وقال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟
فلما تفرق الناس، وبقي من الخاصة من بقي، قال المأمون لأبي جعفر عليه السلام: إن رأيت - جعلت فداك - أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد، وتعرفنا ما يجب على كل صنف من هذه الأصناف في قتل الصيد؛ لنعلمه ونستفيده.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): " نعم، إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، وليست عليه القيمة؛ لأنه ليس في الحرم، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا، فإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما. وإن كان بقرة