الفضل، وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو ابن عشر سنين، وقبل منه الإسلام وحكم له به، ولم يدع أحدا في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما ابنا دون الست سنين ولم يبايع صبيا غيرهما، أفلا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم، وأنهم ذرية بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم؟!
قالوا: صدقت يا أمير المؤمنين (١).
ثم أقبل المأمون على أبي جعفر (عليه السلام) فقال له: أتخطب يا أبا جعفر؟
قال: " نعم، يا أمير المؤمنين ".
فقال له المأمون: أخطب - جعلت فداك - لنفسك، فقد رضيتك لنفسي، وأنا مزوجك أم الفضل ابنتي وإن رغم قوم لذلك.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): " الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته، وصلى الله على محمد سيد بريته والأصفياء من عترته.
أما بعد، فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال من الحرام، فقال سبحانه: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم﴾ (2)، ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد (عليهما السلام) وهو خمس مئة درهم جيادا، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور؟ ".