يحدوها إلى محاولة الفرار أو الانتحار؛ لكنها لم تكن تمتلك الشجاعة الكافية والجرأة على الإقدام لتنفيذ هذه الفكرة، أو محاولة الانتقام من الإمام (عليه السلام) ويبدو هنا أن الإمام كان حذرا منها ومن أعوان أبيها أشد الحذر. فلم يكن عندها حينئذ خيار غير الدعاء على أبيها الذي كان السبب في تعاستها الزوجية.
علاوة على ذلك، فإن المأمون كان يطمع في أن يكون جدا لأحد أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لغاية في نفسه لم تقض له. ثم إنه عازم على لقاء الروم، ولا يعلم ما سيكون عاقبة أمره. وحتما أن النساء (زوجته، أخته...) تدخلن في الأمر، وأخذن في الضغط عليه لايجاد حل للمعضلة. ولهذا كله أراد المأمون أن يحسم القضية قبل خروجه من بغداد، فأرسل إلى الإمام يستدعيه.
ولما تأخر عليه الإمام؛ لشهوده الموسم، وأدائه الحج، فقد كانت استعدادات المأمون قد تهيأت، وخرجت طلائع جيوشه - والتي كانت بقيادته - أمامه تغذ السير نحو بلاد الروم. ولم يعد بإمكانه التأخير أكثر من هذا، فخرج على إثرها يثقل الخطى من أجل وصول الجواد (عليه السلام) وأم الفضل واللقاء بهما، وتدبير أمرهما بنفسه.
وأخيرا يلتقيه الإمام بتكريت، وهناك يرتب المأمون دارا (ويأمر) الإمام الجواد بأن يدخل بأم الفضل، والظاهر من هذا (الأمر) - وهو المتربع على عرش الخلافة الذي لا يعصى له أمر قط شرقا وغربا - أنه شدد على الإمام، وأجبره على طاعته بشأن مواقعة عروسه. والظاهر أن الإمام أفشل مخططه بطرقه الخاصة بعد أن ولى بوجهه مع جيشه نحو بلاد الروم.
وهناك رواية عن أبي جعفر الهاشمي داود بن القاسم ذكرناها في باب ما بعد الزواج من هذا الفصل، تدلل في فقراتها أن قصتها وقعت بعد ذلك الدخول يوم زفت إليه في دار أحمد بن يوسف. ففي اعتقادي أن أم جعفر أخت المأمون مع