من الأنصار، يقال له نفيع - وكان عريضا - قال: فحضر باب الرشيد ومعه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وحضر موسى بن جعفر (عليهما السلام) على حمار له، فتلقاه الحاجب بالبر والإكرام، وأعظمه من كان هناك، وعجل له الإذن، فقال نفيع لعبد العزيز: من هذا الشيخ؟ قال: أو ما تعرفه؟ قال: لا.
قال: هذا شيخ آل أبي طالب، هذا موسى بن جعفر. قال: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم! يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير! أما لئن خرج لأسوءنه، فقال له عبد العزيز: لا تفعل، فإن هؤلاء أهل بيت قلما تعرض لهم أحد في خطاب إلا وسموه بالجواب سمة يبقى عارها عليه مدى الدهر.
قال: وخرج موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقام إليه نفيع الأنصاري: فأخذ بلجام حماره، ثم قال له: من أنت؟ فقال له: يا هذا، إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله على المسلمين وعليك - إن كنت منهم - الحج إليه، وإن كنت تريد المفاخرة، فوالله ما رضي مشركو قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتى قالوا:
يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قريش. وإن كنت تريد الصيت والاسم فنحن الذين أمر الله تعالى بالصلاة علينا في الصلوات المفروضة بقوله: اللهم صل على محمد وآل محمد، ونحن آل محمد.
قال: فخلى عنه ويده ترعد، وانصرف بخزي، فقال له عبد العزيز: ألم أقل لك (1).