موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ٥ - الصفحة ٣٣٩
عثمان حتى أغلظ كل واحد منهما لصاحبه، وحتى تهدده معاوية وقال له: إني شاخص إلى الشام وتارك عندك هذا الشيخ - يعني عثمان - والله لئن انحصت منه شعرة واحدة لأضربنك بمائة ألف سيف!!...
وأما قول ابن عباس - له (عليه السلام): وله شهرا واعزله دهرا -، وما أشار به المغيرة بن شعبة فإنهما ما توهماه وما غلب على ظنونها وخطر بقلوبهما.
وعلي (عليه السلام) كان أعلم بحاله مع معاوية، وأنها لا تقبل العلاج والتدبير، وكيف يخطر ببال عارف بحال معاوية ونكره ودهائه وما كان في نفسه من علي (عليه السلام) من قتل عثمان ومن قبل قتل عثمان أنه يقبل إقرار علي (عليه السلام) له على الشام، وينخدع بذلك، ويبايع ويعطي صفقة يمينه! إن معاوية لأدهى من أن يكاد بذلك، وإن عليا (عليه السلام) لأعرف بمعاوية ممن ظن أنه لو استماله بإقراره لبايع له. ولم يكن عند علي (عليه السلام) دواء لهذا المرض إلا السيف؛ لأن الحال إليه كانت تؤول لا محالة، فجعل الآخر أولا (1).
2 - إبقاء معاوية كان يزعزع الحكومة المركزية لم يكن إبقاء معاوية على ولاية الشام يقوي ركائز حكومة الإمام، بل إنه كان يؤدي إلى زعزعتها منذ البداية. وقد جاء تحليل ابن سنان في هذا المضمار على النحو التالي:
إنا قد علمنا أن أحد الأحداث التي نقمت على عثمان وأفضت بالمسلمين إلى

(١) شرح نهج البلاغة: ١٠ / 233. قال ابن أبي الحديد في سياق كلامه: وأنا أذكر في هذا الموضع خبرا رواه الزبير بن بكار في الموفقيات؛ ليعلم من يقف عليه أن معاوية لم يكن لينجذب إلى طاعة علي (عليه السلام) أبدا، ولا يعطيه البيعة، وأن مضادته له ومباينته إياه كمضادة السواد للبياض لا يجتمعان أبدا، وكمباينة السلب للإيجاب؛ فإنها مباينة لا يمكن زوالها أصلا.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست