حصاره وقتله تولية معاوية الشام مع ما ظهر من جوره وعدوانه، ومخالفة أحكام الدين في سلطانه، وقد خوطب عثمان في ذلك فاعتذر بأن عمر ولاه قبله، فلم يقبل المسلمون عذره، ولا قنعوا منه إلا بعزله، حتى أفضى الأمر إلى ما أفضى.
وكان علي (عليه السلام) من أكثر المسلمين لذلك كراهية، وأعرفهم بما فيه من الفساد في الدين، فلو أنه (عليه السلام) افتتح عقد الخلافة له بتوليته معاوية الشام وإقراره فيه، أليس كان يبتدئ في أول أمره بما انتهى إليه عثمان في آخره، فأفضى إلى خلعه وقتله؟! ولو كان ذلك في حكم الشريعة سائغا والوزر فيه مأمونا لكان غلطا قبيحا في السياسة، وسببا قويا للعصيان والمخالفة، ولم يكن يمكنه (عليه السلام) أن يقول للمسلمين: إن حقيقة رأيي عزل معاوية عند استقرار الأمر وطاعة الجمهور لي، وإن قصدي بإقراره على الولاية مخادعته وتعجيل طاعته ومبايعة الأجناد الذين قبله، ثم أستأنف بعد ذلك فيه ما يستحقه من العزل، وأعمل فيه بموجب العدل؛ لأن إظهاره (عليه السلام) لهذا العزم كان يتصل خبره بمعاوية، فيفسد التدبير الذي شرع فيه، وينتقض الرأي الذي عول عليه (1).
3 - إبقاء معاوية يتعارض مع المباني السياسية للإمام قدم ابن سنان ردا آخر على الطعن بسياسته في عزل معاوية، وفيه إشارة إلى مبانيه السياسية في الحكم (2)، ويسميه جوابا حقيقيا ويقول فيه: واعلم أن حقيقة الجواب هو أن عليا (عليه السلام) كان لا يرى مخالفة الشرع لأجل السياسة، سواء أكانت تلك السياسة دينية أو دنيوية؛ أما الدنيوية فنحو أن يتوهم الإمام في إنسان أنه يروم فساد خلافته من غير أن يثبت ذلك عليه يقينا؛ فإن عليا (عليه السلام) لم يكن يستحل