المدخل تسلم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مقاليد الخلافة بعد انثيال الناس عليه، وإقبالهم المنقطع النظير، وإصرارهم المتواصل. وبين سياسته في الحكم بصراحة في أول خطبة حماسية جليلة له، وذكر فيها أنه لن يطيق الامتيازات التي لا أساس لها في الإسلام، وأنه سوف يحدث تغييرا جذريا في المجتمع، ويقضي على التفاضل والتمايز الموهوم في كافة زوايا المجتمع؛ لأن ذلك كله من سمات الجاهلية التي عادت إلى الناس كهيئتها قبل البعثة النبوية الشريفة (1).
ومن الواضح أن الكثيرين لم يتحملوا تلك المساواة، وامتعضوا من فقدانهم منزلتهم وامتيازاتهم، ولم يهدأ أولئك الذين عكروا الماء عند هجومهم على عثمان ليصطادوا لهم منصبا. ولم يطق هذه السياسة الثورية العاصفة الوصوليون النفعيون الذين تسلطوا على الأمة بلا سابقة ولا شرف باذخ، وفعلوا ما شاؤوا، غير مبالين بالحكومة المركزية.