فقال زياد: الأناة والرفق أمثل. فقال:
ومن لا يصانع في أمور كثيرة * يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم فتمثل علي وكأنه لا يريده:
متى تجمع القلب الذكي وصارما * وأنفا حميا تجتنبك المظالم فخرج زياد على الناس والناس ينتظرونه فقالوا: ما وراءك؟ فقال: السيف يا قوم، فعرفوا ما هو فاعل.
ودعا علي محمد ابن الحنفية فدفع إليه اللواء، وولى عبد الله بن عباس ميمنته، وعمر بن أبي سلمة - أو عمرو بن سفيان بن عبد الأسد - ولاه ميسرته، ودعا أبا ليلى بن عمر بن الجراح ابن أخي أبي عبيدة بن الجراح فجعله على مقدمته، واستخلف على المدينة قثم بن عباس، ولم يول ممن خرج على عثمان أحدا، وكتب إلى قيس بن سعد أن يندب الناس إلى الشام، وإلى عثمان بن حنيف والى أبي موسى مثل ذلك، وأقبل على التهيؤ والتجهز، وخطب أهل المدينة فدعاهم إلى النهوض في قتال أهل الفرقة وقال:
إن الله عز وجل بعث رسولا هاديا مهديا بكتاب ناطق وأمر قائم واضح لا يهلك عنه إلا هالك، وإن المبتدعات والشبهات هن المهلكات إلا من حفظ الله، وإن في سلطان الله عصمة أمركم، فأعطوه طاعتكم غير ملوية ولا مستكره بها، والله لتفعلن أو لينقلن الله عنكم سلطان الإسلام ثم لا ينقله إليكم أبدا حتى يأرز الأمر إليها، انهضوا إلى هؤلاء القوم الذين يريدون يفرقون جماعتكم، لعل الله يصلح بكم ما أفسد أهل الآفاق وتقضون الذي عليكم.
فبينا هم كذلك إذ جاء الخبر عن أهل مكة بنحو آخر وتمام على خلاف، فقام