عمر كذلك، ثم كان علي (عليه السلام) كذلك، فلما ولى الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلك بعد موت الحسن بن علي (عليه السلام).
فلم يزالوا يتداولونه حتى خلصت كلها لمروان بن الحكم، فوهبها لعبد العزيز ابنه، فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز، فردها عمر بن عبد العزيز في أيام خلافته إلى أولاد فاطمة (عليها السلام) (1) - على ما ستجيء إليه الإشارة -.
وروى فيه أيضا انه قالت فاطمة (عليها السلام) لأبي بكر: إن أم أيمن تشهد لي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاني فدك، فقال لها: يا بنة رسول الله ما خلق الله خلقا أحب إلي من رسول الله أبيك، ولوددت أن السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك، والله لان تفتقر عائشة أحب إلي من أن تفتقري، أتراني أعطي الأحمر والأبيض حقه وأظلمك حقك وأنت بنت رسول الله، إن هذا المال لم يكن للنبي وإنما كان مالا من أموال المسلمين، يحمل النبي الرجال وينفقه في سبيل الله، فلما توفي رسول الله وليته كما كان يليه.
قالت: والله لا كلمتك أبدا، قال: والله لا هجرتك أبدا، قالت: لأدعون الله عليك، قال: لأدعون الله لك، فلما حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلي عليها، فدفنت ليلا وصلى عليها العباس بن عبد المطلب، وكان بين وفاتها ووفاة النبي (صلى الله عليه وآله) اثنتان وسبعون ليلة (2).
قال ابن أبي الحديد: فيه إشكال - أي في هذا الخبر - لأن فيه أنها طلبت فدك وقالت: إن أبي أعطانيها وان أم أيمن تشهد لي بذلك، فقال لها أبو بكر في الجواب:
إن هذا المال لم يكن لرسول الله وإنما كان مالا من أموال المسلمين....
فلقائل أن يقول له: أيجوز للنبي (صلى الله عليه وآله) أن يملك ابنته أو غير ابنته في أفياء الناس ضيعة مخصوصة، أو عقارا مخصوصا من مال المسلمين