يوم القيامة وإلا لنفد القرآن ولم يبق فيه حجة ولا برهان وبيان وتبيان (١).
فيكون المراد انهم لو تدبروه لعرفوا ما فيه من الأحكام الأصولية والفروعية وحكموا بها ولو على أنفسهم، ويمكن أن يكون بعضهم تدبروه وعرفوا أحكامه، ولكن لما لم يعملوا على طبق علمهم ومعرفتهم نزلوا منزلة الجاهل الغير المتدبر له، فوبخوا على ترك تدبره من باب تنزيل العالم بالشيء منزلة الجاهل به لعدم عمله بعلمه، كما تقول لمن يعرف أباه ولا يراعي الأدب معه: هذا أبوك، كأنه لا يعلم كونه أباه فتعرفه إياه.
وتنكير القلوب لإرادة قلوب هؤلاء ومن كان مثلهم من غيرهم، أو التنكير للتحقير أي هذه القلوب الغير المتدبرة للقرآن قلوب منكرة، وأفئدة محقرة مستنكرة.
و (الرين) الطبع والتغطية وأصله الغلبة، أطلق على الدنس الغالب على الشيء، قال تعالى: ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ (2) أي غلب على قلوبهم بسبب كسب الذنوب الرين، وهو الحجاب الكثيف كما يرين الخمر على قلب السكران، وكما ترين النداوة على الزجاجة بستر الصدى فيحصل منه التغطية، أي ان أعمالكم السيئة سترت على قلوبكم حجاب الظلمة وصدى الغفلة، فلا يرى في مرآتها وجه الحق والهداية.
وفي الخبر: ما من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء، فإذا تاب ذهب ذلك السواد، وإذا تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض، فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى الخير أبدا، وهو قول الله تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) (3).
وفي الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله): إني ليران على قلبي، وإني استغفر