وقوله: (غير مردودة عن حقك) لعل مراده أن لا حق لك في ذلك حتى نردك عن حقك، فيكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع، أي نحن لا نظلمك في فدك، أو مراده ان فدك حقك ولا نمنعك عن ذلك إلا لما نبينه لك.
(ولا مصدودة عن صدقك) أي غير مصروفة عنه من صده عنه - من باب نصر - صرفه، لا من صد عنه من باب ضرب بمعنى أعرض عنه، ومع ذلك لا نكذبك فيما تقولين فإنك اشتبهت في المسألة، وظننت صحة الإرث من الأنبياء، وأنت غير مطلعة على حقيقة الأمر، وما سمعناه من الرواية النافية لإرثك.
و (والله ما عدوت أمر رسول الله) أي ما تجاوزته.
و (لا عملت إلا باذنه) أي رأيه وقوله.
وقوله: (الرائد لا يكذب أهله) قال في النهاية: الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث (١). وفي القاموس: هو المرسل في طلب الكلاء (٢)، يقال:
راد يرود رودا وريادا.
ومنه قولهم: (الحمى رائد الموت) لشدتها على التشبيه أي رسوله الذي يتقدمه، ومنه المراودة للمطالبة وفيها معنى المخادعة، لأن الطالب يتلطف في طلبه بلطف المخادع ويحرص، ومنه قوله تعالى: ﴿وراودته التي هو في بيتها عن نفسه﴾ (3)، ولا يجعل الرائد إلا أمين القوم وأعقلهم ومن يراعي مصلحتهم.
والرائد لا يكذب أهله مثل أي الأمين لا يخون، استشهد به في صدق الخبر الذي افتراه على النبي (صلى الله عليه وآله)، وجعل نفسه لاحتماله الخلافة التي هي الرئاسة العامة بمنزلة الرائد للأمة الذي يجب عليه أن ينصحهم ويخبرهم بالصدق في المرحلة، وهذا أيضا إيقاع للناس في الإلتباس والشبهة.
قوله: (وإني اشهد الله...) أي أجعله شاهدا لقولي هذا ونعم الشاهد الكافي هو،