وبالخماص لكونهم ضامري البطون بالصوم وقلة الأكل، أو لعفتهم عن أكل أموال الناس بالباطل، أو المراد بهم من آمن من العجم كسلمان وغيره، ويقال لأهل فارس بيض لغلبة البياض على ألوانهم وأموالهم إذ الغالب في أموالهم الفضة، كما يقال لأهل الشام الحمر لحمرة ألوانهم وغلبة الذهب في أموالهم، والأول أظهر.
والظاهر اعتبار نوع من التخصيص في المخاطبين، فيكون المراد بهم غير الراسخين الكاملين في الإيمان، والبيض الخماص الكمل، وكلمة (في) حينئذ للمصاحبة بمعنى مع، ويجوز جعل الخطاب عاما و (في) بمعنى (على) بتقدير معنى الاشتمال.
قولها (عليها السلام): (وكنتم على شفا حفرة) شفا كل شئ طرفه وشفيره، أي كنتم على شفير جهنم مشرفين على دخلوها والتهافت فيها بشرككم وكفركم، إذ لو كان أدرككم الموت في تلك الحالة لوقعتم في النار، وهذا إشارة إلى قوله تعالى:
﴿واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها﴾ (1).
والخطاب لأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أي وكنتم يا أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) على طرف حفرة من جهنم لم يكن بينكم وبينها إلا الموت، فأنقذكم الله منها بأن أرسل إليكم رسولا هداكم إلى الإيمان ودعاكم إليه، فنجوتم بإجابته من النار، وإنما قال: (فأنقذكم منها) مع أنهم لم يكونوا فيها، لأنهم كانوا بمنزلة من هو فيها من حيث استحقاقهم لدخولها واشرافهم عليها.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام): قال: (فأنقذكم منها بمحمد) هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) (2).
والضمير في منها للحفرة أو للنار أو للشفا، وتأنيثه لتأنيث ما أضيف إليه، أو