النبيون (١).
قال بعض شراح الحديث: كل ما يتحلى به الرجل من علم وعمل فله عند الله منزلة لا يشاركه غيره، وإن كان له من نوع آخر ما هو أرفع قدرا فيغبطه بأن يكون له مثله مضموما إلى ماله، فالأنبياء قد استغرقوا فيما هو أعلى من دعوة الخلق وارشادهم، واشتغلوا به عن العكوف على مثل هذه الجزئيات والقيام بحقوقها، فإذا رأوهم يوم القيامة ودوا لو كانوا ضامين خصالهم إلى خصالهم (٢).
وبالجملة يقال: غبطته بما نال أغبطه غبطا وغبطة، واغتبط هو كقولك منعته فامتنع وحبسته فاحتبس، قال الشاعر:
وبينما المرء في الأحياء مغتبط * إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير قال في الصحاح: أنشدنيه أبو سعيد بكسر الباء أي مغبوط، قال: والاسم الغبطة وهو حسن الحال، ومنه قولهم: (اللهم غبطا لا هبطا) أي أسألك الغبطة أي منزلة يغبط عليها، أو دوام الغبطة وحسن الحال، ونعوذ بك من منازل الهبوط والضعة، أو أن نهبط عن حالنا (٣)، فالباء في المغتبطة الواقعة في الفقرة الشريفة مكسورة، والباء في (به) للسببية.
و (الأشياع) وهو فاعل قولها (عليها السلام): (مغتبطة) بمعنى الاتباع جمع الشائع كالاشهاد في الشاهد، أو هو جمع الشيع جمع الشيعة، فهو جمع جمع لها، والشيعة اسم جنس يقع على القليل والكثير بمعنى الفرقة.
قال تعالى: ﴿لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمان عتيا﴾ (4) وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره من المشايعة بمعنى المتابعة، ومنه الدعاء: (وشايعت وبايعت وتابعت على قتله) (5).