من حيث هو، مخترع وموجد ومصور من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب، وقوله: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ (١) بمعنى أحسن المقدرين والمصورين.
أو أن الخالق قد يطلق بمعنى الأعم، وهو ما يشمل لمعنى الموجد ولمعنى مظهر الخلق، إذا كان ذلك المظهر فاعلا مختارا، فيشمل الله تعالى وسائر الخلق، فقيل بهذا الاعتبار أحسن الخالقين نظير قوله تعالى: ﴿والله خير الرازقين﴾ (2).
وذكر الصدوق في التوحيد أنه دخل عبد الكريم ابن أبي العوجاء على الصادق (عليه السلام) فقال: أليس تزعم أن الله خالق كل شئ؟ فقال الصادق (عليه السلام): بلى، فقال: وأنا أخلق، فقال له: وكيف تخلق؟ قال: أحدث في الموضع ثم ألبث عنه فيصير دوابا فأكون أنا الذي خلقتها، فقال (عليه السلام):
أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه؟ قال له: بلى، قال: فتعرف الذكر منها من الإناث، وتعرف كم عمرها؟ فسكت (3).
ويظهر مما ذكر أن الخالق في أسماء الله تعالى من الخلق بمعنى الإنشاء بلا مادة ولا مثال ولا سبب ولا علة، وانه يستلزم أمورا ثلاثة: التقدير، ثم الإنشاء على وفقه بلا تغيير ولا تبديل، ثم العلم بما يؤدي إليه خلقه، ونحو هذا هو التقدير الكامل.
وهذا الخلق مخصوص لله تعالى، ولا خالق بهذا المعنى إلا الله، وهل من خالق غير الله، ولا مؤثر في الوجود إلا الله، وهو خالق النور والظلمة، والخير والشر، والرحمة والغضب، والنجاة والعطب، والأنبياء والشياطين، والسعادة والشقاوة.
وورد في الأخبار الكثيرة أيضا في الكافي وغيره ما حاصله أن خالق الخير والشر هو الله، وانه تعالى أجرى الخير بيد من أحبه، وأجرى الشر بيد من أبغضه،