ومال] (١) جم أي كثير، وجاؤوا الجماء أي بجملتهم (٢)، وظاهره أيضا الحالية، وتعدية جم بعن لتضمين معنى التعدي والتجاوز.
و (الإحصاء) العد والحفظ، والمحصي من أسماء الله تعالى بمعنى الذي أحصى كل شئ بعلمه وأحاط به، فلا يفوته دقيق منها ولا جليل، وفي الحديث: (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة) (٣).
قيل: أي من أحصاها علما بها دخل الجنة، وقيل: أي حفظها على قلبه، وقيل:
أراد من استخرجها من كتاب الله وأحاديث رسوله، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يعدها مجتمعة، وقيل: من أطاق العمل بها مثل من يعلم أنه بصير، فيكف لسانه وسمعه عما لا يجوز له، وكذلك في الأسماء.
وقيل: أراد من أخطر بباله عند ذكرها معناها، وتفكر في مدلولها، معظما لمسماها، ومقدسا لذاته تعالى، ومعتبرا بمعانيها، ومتدبرا راغبا فيها وراهبا، وبالجملة ففي كل اسم يجريه على لسانه يخطر بباله الوصف الدال عليه، بانيا على العمل بمفاده ومضمونه.
وفي خبر آخر: (لا أحصي ثناء عليك) (٤) أي لا أحصي نعمك والثناء بها عليك، ولا أبلغ الواجب فيه، وقوله تعالى: ﴿أحصى كل شئ عددا﴾ (5) هو أيضا من أحصى الشيء إذا عده كله، أي أحصى ما كان وما يكون منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة من فتنة، أو زلزلة، أو خسف، أو أمة أهلكت أو تهلك فيما بقي، وكم من إمام عادل وجائر يعرفه باسمه ونسبه، ويموت موتا أو يقتل قتلا إلى غير ذلك.