أمير المؤمنين (عليه السلام)، أولا مدعية ما ليس لها ولا منكرة لما لها، أو لا قانطة من رحمة الله ولا آمنة من مكر الله، والحاصل في الجميع انها متوسطة بين طرفي الإفراط والتفريط ومعتدلة.
أو يوقد ذلك النور في الجميع من شجرة الأرض الجرز، والأرض الميتة التي هي مغرس أغصان الحكمة ومنشأ هياكل التوحيد، وهي أرض الماهيات والقابليات والاستعدادات، أو من شجرة الإمكان والصلوح المجرد التي لها فروع متكثرة.
يكاد زيتها يضيء أي يكاد قابلية عقله أو روحه أو نفسه ونحو ذلك تظهر في الكون لشدة تأهلها للوجود قبل أن تنفعل من نار الجود، أو تكاد تفنى ظلمتها قبل أن يستولي عليها نور الحق، أو تكاد تنوجد الماهية لقرب رتبتها من المبدأ قبل أن توجد بتبعية الوجود، أو تكاد أن تنبت أرض الماهية تلك الأشجار المباركات، أو تكاد شجرة الإمكان تثمر بثمار الموجودات.
أو المراد من النور هو النبوة، والزجاجة قلب النبي (صلى الله عليه وآله)، والمشكاة صدره، وهذا النور يوقد من شجرة الوحي المباركة بإفاضة الأحكام الشرعية، وهذه الشجرة حادثة في عالم الأمر لا عالم الخالق أو المخلوق، كما ورد ان القرآن لا خالق ولا مخلوق بل هو من عالم الأمر (١).
يكاد زيت هذه الشجرة وهو الحجج القرآنية تتضح وإن لم تقرأ، أوان حجج الله تضيء وإن لم ينزل القرآن ولم يتدبر، وهذا المصباح نور على نور أي مع سائر الأدلة قبله في الآفاق والأنفس، أو مع سائر الكتب الإلهية.
أو المراد من النور هو القرآن في قلب النبي (صلى الله عليه وآله) في صدره الشريف، قال تعالى: ﴿نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين﴾ (٢) وقال تعالى أيضا: ﴿وأنزلنا إليكم نورا مبينا﴾ (3) والأنوار