وروى أيضا مسلم بعد هذا الحديث بخمسة أوراق ان فاطمة خرجت من الدنيا وهي غاضبة على أبي بكر وعمر، فما أدري ما التوفيق بين هذين الحديثين.
فقال له العالم: دعني الليلة أنظر، فلما صار الصبح جاء ذلك العالم وقال للبهائي (رحمه الله): ألم أقل لك ان الرافضة تكذب في نقل الأحاديث، البارحة طالعت الكتاب فوجدت بين الخبرين أكثر من خمسة أوراق، هذا اعتذاره من معارضة الحديثين (١).
بيان:
إعلم ان البضعة - بفتح الباء وقد يكسر - الجزء من الشيء وقطعة منه، والبضع - بكسر الباء وقد يفتح - هو العدد من الواحد أو الثلاثة إلى التسعة مطلقا، أو الافراد منه لا الأزواج بمناسبة كون كل من هذه المراتب قطعة من العدد، قال تعالى في يوسف (عليه السلام): ﴿فلبث في السجن بضع سنين﴾ (2) أي تسعا أو سبعا أو أقل، قيل: والأصح سبع سنين بعدد حروف الكلمتين.
والشجنة - بالكسر ويضم أيضا - الشعبة والغصن من الشجر أو العروق الملتفة منه، والحديث ذو شجون أي ذو شعب وامتساك بعضه ببعض، وحاصل المرام فيه ان الكلام يجر الكلام، وشجر مشجن إذا التف بعضه ببعض، ونقل عن القاسم بن سلام في معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): إن الرحم شجنة من الله عز وجل أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، إنتهى.
وحاصل معنى الشجنة في الأخبار يرجع إلى معنى البضعة أيضا، فيكون المراد من الأخبار المذكورة ان فاطمة (عليها السلام) قطعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعض أجزائه، ومن آلم وآذى بعض أجزاء الإنسان أي عضوا من أعضائه فقد آلمه، بل ليس إيلامه إلا إيلامه.
ولا يقدح في ذلك كون الجزء غير الكل لما تقرر في محله من أن المعنى