والشفاعة تعظيم بعظم الشافع.
وعن ابن عمر أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من زار قبري حلت له شفاعتي) رواه البزار بسند ضعيف قال السبكي: وهذا الحديث هو الأول بعينه إلا أن في الأولى (وجبت) وفي هذا (حلت).
وعن ابن عمر أيضا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من جاءني زائرا يعمله حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة). رواه الطبراني في (الأوسط) والدارقطني في أماليه وصححه وأبو بكر بن المقري في (معجمه) من رواية مسلمة بن سالم الجهني قال:
حدثني عبيد الله بن العمري مصغرا عن نافع به وفي معجم ابن المقري عن نافع وسالم، فقد تابع مسلمة الجهني موسى بن هلال في شيخه عبيد الله العمري والطبراني كلها في روايته متفقة على عبيد الله المصغر الثقة إلا أن مسلم بن حاتم الأنصاري رواه عن مسلمة مكبرا، وهذا طريق أورده الحافظ أبو علي بن السكن في باب من زار قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتابه المسمى ب (الصحاح المأثور) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقتضى ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث مما أجمع عليه في صحته فإما أن يكون ثبت عنده من غير طريق مسلمة، أو أنه ارتقى إلى ذلك بكثرة الطرق، وتبويبه دال على أنه فهم من الحديث الزيارة بعد الموت أو أن ما بعد الموت داخل في العموم وقال العلامة جمال الدين محمود بن جملة بعد هذا الحديث:
ويرتقي إلى درجة الحسن الذي يحتج به في الأحكام فكيف في باب الفضائل والقرب فما يعارضه شئ قال السبكي: وهو صحيح.
قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: طرق هذا الحديث كلها ضعيفة، لكن صححه من حديث ابن عمر أبو علي بن السكن في إيراده إياه في أثناء السنن الصحاح له وعبد الحق في سكوته عنه، والشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين باعتبار مجموع طرقه.
الثاني: أورده البيهقي في باب زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قبره حديث أبي هريرة السابق في باب حياته في قبره، وصدر به واعتمد جماعة من الأئمة في الزيارة على هذا الحديث.
قال السبكي: وهو اعتماد صحيح لتضمنه قرينة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ورده وهي مرتبة شريفة ومنقبة عظيمة ينبغي التعرض لها والحرص عليها لينال بركة سلامه - صلى الله عليه وسلم - لفظ الإمام أحمد (ما من أحد يسلم علي في قبري) فإن ثبت فهذا صريح في تخصيص هذه الفضيلة بالمسلم عند القبر وإلا فالمسلم عند القبر امتاز بالواجهة بالخطاب ابتداء وجوابا ففيه فضيلة زائدة على الرد على الغائب.