يخالفون بينهم فيه قبل أن يوحى إليهم أما من منع الاتباع عقلا، فيطرد أصله الذي هو منع عقلا في كل رسول بلا مزية.
وأما من مال إلى النقل كالقاضي أبي بكر فأيهما تصور له وتقرر تبعه وعمل بمقتضاه.
ومن قال بالوقف فعلى أصله من الإحجام عن تعيين.
ومن قال بوجوب الاتباع قبل الوحي لمن قبله من الأنبياء يلزمه سياق حجته وإجراؤها في كل نبي، وأوضح بعضهم كلام القاضي في قوله تعالى: (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) بأن المراد بهذه الآية: الاتباع في التوحيد كما تقدم، لأنه تعالى لما وصف إبراهيم في هذه الآية بأنه (ما كان من المشركين) دل على أن المراد بالاتباع ذلك.
فإن قيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نفى الشرك، وأثبت التوحيد بناء على الدلائل القطعية، وإذا كان كذلك لم يكن متابعا لأحد فيمتنع حمل قوله: اتبع على هذا المعنى، فوجب حمله على الشرائع التي يصح حصول المتابعة فيها.
أجاب الإمام فخر الدين الرازي بأنه يحتمل أن يكون المراد الأمر بمتابعته في كيفية الدعوة إلى التوحيد، وهو أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى بأنواع كثيرة، على ما هو الطريقة المألوفة في القرآن.
وقد قال صاحب الكشاف ما لفظه: ثم في قوله تعالى (ثم أو حينا إليك) تدل على تعظيم منزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجلال محله، بأن أشرف ما أوتي خليل الله من الكرامة، وأجل ما أوتي من النعمة اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملته من قبل أن هذه اللفظة دلت على تباعد النعت في المرتبة على سائر المدائح التي مدحه الله تبارك وتعالى بها. انتهى.
ومراده بالمدائح المذكورة في قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين).
وقد تقدم لهذا مزيد بيان في الباب السادس.
قال شيخ الإسلام أبو زرعة العراقي في شرح تقريب والده على كلامه عند حديث بدء الوحي، وليت شعري كيف تلك العبادة وأي أنواعها هي وعلى أي وجه فعلها يحتاج ذلك إلى نقل ولا أستحضره الآن.
وقال شيخه شيخ الإسلام البلقيني في شرح البخاري لم يجئ في الأحاديث التي وقفنا عليها كيفية تعبده - صلى الله عليه وسلم - لكن روى ابن إسحاق وغيره أنه - صلى الله عليه وسلم - (كان يخرج إلى حراء في