وروى الإمام أحمد، وابن ماجة، عن أسامة بن زيد - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (علمني جبريل الوضوء، فأمرني: أن أنضح تحت ثوبي) (1).
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي شيبة، وأبو نعيم، عن الحكم بن سفيان - رضي الله تعالى عنه - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثم أخذ كفا من ماء فنضح فرجه (2).
وروى ابن ماجة عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنهما - قال: (توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم فنضح فرجه) (3).
تنبيهات الأول: قال ابن القيم (4): (الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكرر مسح رأسه). وتعقب بما رواه أبو داود من وجهين صحح أحدهما ابن خزيمة، عن عثمان أنه - صلى الله عليه وسلم - (مسح رأسه ثلاثا).
وبما رواه أبو داود، والترمذي من حديث الربيع بنت معوذ (أنه مسح رأسه مرتين).
وأجاب العلماء عن أحاديث المسح مرة، بأن ذلك بيان للجواز، ويؤيده: رواية مرتين مرتين، قال أين السمعاني: اختلاف الرواة يحمل على التعدد، فيكون مسح تارة مرة، وتارة مرتين، وتارة ثلاثة، فليس رواية: مسح مرة حجة على من منع التعدد.
ويحتج للتعدد بالقياس (5) [على] المغسول، لأن الوضوء طهارة حكمية، ولا فرق في الطهارة الحكمية بين الغسل والمسح.
الثاني: لم يأت في شئ من الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - زاد على ثلاث، بل ورد عنه النهي عن الزيادة على الثلاث، فروى أبو داود بإسناد جيد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، (أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم - (توضأ ثلاثا ثلاثا)، ثم قال: (من زاد على هذا أو نقص، فقد أساء وظلم) (6) وظاهر هذا ذم النقص عن الثلاثة.