وروى الإمامان الشافعي، وأحمد، والشيخان، وأبو داود، عن أبي حميد الساعدي - رضي الله تعالى عنه - قال: (استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الأزد يقال له ابن الأتبية) وفي لفظ (يدعي ابن اللتبية على صدقات بني سليم - فلما جاء حاسبه، فقال: هذا مالكم وهذا هدية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فهلا جلست في بيت أمك وأبيك حتى تأتيك هديتك - إن كنت صادقا) ثم قام خطيبا، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: (أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: (هذا لكم وهذا هدية أهديت إلي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟ إن كان، والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحدا منكم لقي الله تعالى يوم القيامة يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر) ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، قال: (اللهم هل بلغت؟) (1).
وروى مسلم، عن عدي بن عميرة الكندي - رضي الله تعالى عنه - قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة) فقام إليه رجل أسود من الأنصار، كأني أنظر إليه، فقال يا رسول الله: اقبل عني عملك، قال: (وما لك؟) قال: سمعتك تقول كذا وكذا قال: (وأنا أقوله الآن، من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى) (2).
وروى ابن ماجة عن العلاء الحضرمي - رضي الله تعالى عنه - قال: (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البحرين - أو إلى هجر - فكنت آتي الحائط يكون بين الإخوة يسلم أحدهم فآخذ من المسلم العشر، ومن المشرك الخراج) (3).
تنبيه:
في بيان غريب ما سبق.
الميم بميم مكسورة، فتحتية ساكنة، فسين مهملة مكسورة، فميم: حديدة يكوى بها.
رغاء - براء مضمومة، فغين معجمة، فألف: صوت الإبل.
الغلول - بغين معجمة، فلام مضمومتين فواو فلام: الخيانة في الغنيمة.