قال الواقدي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم كل حول، فإذا بلغ نقرة الشعب يقول: " السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " ثم كان أبو بكر يفعل ذلك كل حول، ثم عمر ثم عثمان، وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيهم فتبكي عندهم وتدعو لهم، وكأن سعد يسلم ثم يقبل على أصحابه فيقول: ألا تسلمون على قوم يردون عليكم.
ثم حكى زيارتهم عن أبي سعيد، وأبي هريرة، و عبد الله بن عمر، وأم سلمة رضى الله الله عنهم.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني إبراهيم، حدثني الحكم بن نافع، حدثنا العطاف بن خالد، حدثتني خالتي قالت: ركبت يوما إلى قبور الشهداء - وكانت لا تزال تأتيهم - فنزلت عند حمزة فصليت ما شاء الله أن أصلى، وما في الوادي داع ولا مجيب، إلا غلاما قائما آخذا برأس دابتي، فلما فرغت من صلاتي قلت هكذا بيدي: " السلام عليكم " قالت: فسمعت رد السلام على يخرج من تحت الأرض، أعرفه كما أعرف أن الله عز وجل خلقني، وكما أعرف الليل والنهار، فاقشعرت كل شعرة منى!
وقال محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا:
من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا على الحرب ولا يزهدوا في الجهاد؟
فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم. فأنزل الله في الكتاب قوله تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ".